واحد منهم مائة من غيرهم. فالأجانب يسعون أن يغلبوكم بهذه الشجاعة، إذ الشجاعة الفطرية وحدها غير كافية.

خلاصة الكلام:

إني أبلغكم ما أمر به الرسول الأعظم ﷺ وهو: أن الطاعة فرض، فلا تعصوا ضباطكم.

فليحيا الجنود، ولتعش المشروطية المشروعة.

فأنا.. لأنني قد تجشمت أعباء هذه المهمات الجسيمة -مع وجود علماء أكفاء- قد ارتكبت إذن جناية!

الجناية الحادية عشرة: كنت ألمس الوضع الرديء لما كان يعيشه أهالي الولايات الشرقية فأدركت أن سعادتنا الدنيوية ستحصل -من جهة- بالعلوم الحديثة الحاضرة، وأن أحد الروافد غير الآسنة لتلك العلوم سيكون العلماء، والمنبع الآخر سيكون حتماً المدارس الدينية، كي يأنس علماء الدين بالعلوم الحديثة.

وحيث إن زمام الأمر في تلك البقاع التي أغلبيتها الساحقة أُميون بيد علماء الدين، فهذا الشعور هو الذي دفعني إلى المجيء إلى إسطنبول، ظناً مني أن نلقى السعادة في «دار السعادة» في ذلك الوقت، مع أن الاستبداد -الذي أصبح الآن أضراباً وتقوّى أكثر- كان يُسند إلى المرحوم السلطان المخلوع، فإنه قدّم لي مرتباً بواسطة وزير الأمن العام وفضلاً منه وكرماً، فرفضت. فقد أخطأت! ولكن خَطَئي ذلك أصبح خيراً إذ أظهر خطأ الذين يبغون مال الدنيا بالعلوم الدينية، فضحيت بعقلي، ولم أدع حريتي ولم أُحنِ رأسي لذلك السلطان الرؤوف، فتركت منافعي الشخصية؛ إذ هؤلاء يمكنهم أن يضموني إلى صفوفهم بالمحبة وليس بالاضطرار والقوة، فأنا منذ سنة ونصف السنة أسعى هنا لتنال بلادي المعارف والعلوم. وأغلب الأصدقاء في إسطنبول على علم بهذا.

فأنا الذي ابن حمال فقير، لم أتجاوز طوري وكوني ابن فقير وحمال رغم تيسر الدنيا لي، ولم أوطد علاقاتي مع الدنيا بل تركت أحب المناطق إلى قلبي وهي ذرى جبال الولايات الشرقية داعياً إلى السعادة لأمتي، فدخلت مستشفى المجاذيب والمعتقلات والسجون وعانيت

Yükleniyor...