الفائتة العظيمة، (6) وذلك بمحاولة التوحيد بينها، فيا أسفي لم يسعفنا الزمن فجاء السيل فأوقعني أيضاً.

ثم كنت أقول: لو نشبت حريق فسأحاول إطفاء جزء منها في الأقل، ولكن احترقت حتى ملابسي العلمية. وذهبتْ -برضاً مني- الشهرةُ الكاذبة التي لا أستطيع تعهدها.

فأنا الذي لست إلّا رجلاً عادياً، قد أخذتُ على عاتقي مسائلَ مهمة تقض مضاجع النواب والأعيان والوزراء، فإذن قد ارتكبت جناية!.

الجناية الثامنة: لقد سمعت أن قسماً من الجنود بدأوا ينتسبون إلى بعض الجمعيات، فتذكرتُ الحادثة الرهيبة للانكشاريين. فقلقت كثيراً واضطربت، فكتبت في إحدى الصحف:

إن أسمَى جمعية وأقدسها في الوقت الحاضر، هي جمعية الجنود المؤمنين. فجميع الذين انخرطوا في سلك الجندية المؤمنة المضحية ابتداءً من الجندي إلى القائد هم داخلون في هذه الجمعية. إذ إن أقدس هدف لأقدس جمعية في العالم هو الاتحاد والأخوة والطاعة والمحبة وإعلاء كلمة الله. فالجنود المؤمنون قاطبة يدعون إلى هذا الهدف. ألا إن الجنود هم المراكز، فعلى الأمة والجمعيات أن ينتسبوا إلى الجنود، إذ الجمعيات الأخرى ما هي إلّا لجعل الأمة جنوداً في المحبة والأخوّة، أما الاتحاد المحمدي الذي هو شامل لجميع المؤمنين فهو ليس جمعية ولا حزباً، إذ مركزه وصفّه الأول المجاهدون والشهداء والعلماء والمرشدون.

فليس هناك مؤمن ولا جندي فدائي -سواء أكان ضابطاً أو جندياً- خارج عن هذا الاتحاد، لذا فلا داعي للانتساب إلى جمعيات أخرى. ومع هذا فلا أتدخل في أمور بعض الجمعيات الخيرة التي لها الحق في أن تطلق على نفسها الاتحاد المحمدي.

فأنا الذي لست إلّا طالب شريعة، قد غصبتُ مهمة العلماء العظام فإذن قد ارتكبت جناية!

الجناية التاسعة: لقد شاهدت الحركة الرهيبة التي حدثت في (٣١) مارت لبضع دقائق. فسمعت مَطالبَ عدة؛ فكما إذا أُديرت ألوان سبعة بسرعة لا يظهر إلّا اللون الأبيض فكذلك لم يظهر من تلك المطالب إلّا لفظ الشريعة التي تخفف فساد تلك المطالب المتباينة من الألف إلى الواحد، وتنقذ العوام من الفوضى والاضطراب، والتي تحافظ حفاظاً معجزاً على السياسة

Yükleniyor...