ولما كان الكذب يردفه كذبٌ ويسوق إليه، استلزمت هذه الشجاعةُ الخارقة للعادة، عمراً خارقاً، وقامة خارقة، وما يكتنفهما من لوازمهما!.. حتى تجسم ذلك الخيال في الذهن وهو يصرخ: «أنا نوع منحصر في شخص»، لا من أبناء البشر بل ككائن خرافي يدور في حكايات الناس ويتقدم الخرافات فاتحاً الطريق إلى أمثاله.

يا من يريد رؤية الحقيقة مجرّدةً! أنعِم النظر في هذه المقدمة؛ لأن بابَ الخرافات ينفتح من هذا الموضع، وبابَ التحقيق «العلمي» ينسدّ به، زد على ذلك ففي هذه الأرض القاحلة الجرداء يضيع على الإنسان أخذُ العبرة من القصة، ويفوتُه البناء على أسس المتقدمين كما يمليه الترقي، ولا يتجرأ على التصرف في ميراث الأسلاف ولا الزيادة عليه.

فإن شئت فقل للخواجة نصر الدين(∗) الشهير ب«جحا الرومي»: «أهذه الأقوال الغريبة كلّها لك؟ فسيكون جوابه: «هذه الأقوال تملأ المجلدات، وتحتاج إلى عمر مديد.، وأقوالي كلها ليست من نوادر الكَلِم، فأنا عالم من العلماء تسعني زكاةُ ما نسَبوا إليّ من أقوال. أما الباقي فأرفضه وأردّه لأنها تقلب ظرافتي إلى التصنع».

فيا هذا! من هذا العِرق تنبت الخرافات والموضوعات، ومنه تتفرع، وهو الذي يزيل قوة الصدق.

خاتمة

إن إحساناً يزيد على الإحسان الإلهي ليس بإحسان.

إن حبة من حقيقة تَفضل بيدراً من الخيالات.

الاطمئنان والقناعة بالإحسان الإلهي في التوصيف فرض.

يجب ألّا يخل بنظام المجتمع مَن كان داخلاً فيه.

أصل الشيء تبيُّنه ثمرته. شرف الشيء في ذاته لا في نسله.

إذا اختلطت في بضاعة بضاعةٌ أخرى، فإنها تنقص من قيمة الأولى وإن كانت الثانية قيّمة ونفيسة، بل تسبب حجزها.


Yükleniyor...