قلت: وأنا أحار من عقلك! أيمكن أن تتوقع دوام هذا الشتاء؟ إن لكل شتاء ربيعاً ولكل ليل نهاراً.

قال: لقد تفرق المسلمون شذر مذر.

قلت: ذهبوا لكسب العلم، فها هو الهندي الذي هو ابن الإسلام الكفء يَدرس في إعدادية الإنكليز.

وها هو المصري الذي هو ابن الإسلام الذكي يتلقى الدرس في المدرسة الإدارية السياسية للإنكليز..

وها هو القفقاس والتركستاني اللذان هما ابنا الإسلام الشجاعان يتدربان في المدرسة الحربية للروس.. الخ.

فيا هذا! إن هؤلاء الأبناء البررة النبلاء، بعد ما ينالون شهاداتهم، سيتولى كل منهم قارة من القارات، ويرفعون لواء أبيهم العادل، الإسلام العظيم، خفاقاً ليرفرف في آفاق الكمالات، معلنين سر الحكمة الأزلية المقدرة في بني البشر رغم كل شيء.

وهذا هو نصف حكايتي.

مثال:

والآن سأمثل للحالة الروحية التي تدفع إلى القول: «نفسي نفسي.. ماذا عليّ». بالآتي:

يتقابل شخصان وتبدأ المناظرةُ والمفاخرة بينهما، أحدهما جسور ولكن عضت النوائبُ (9) عشيرتَه الأصيلة. والآخر جبان، لكنه ينتمي إلى عشيرة أخرى تبسمت لها الأقدار. فالأول يرفع رأسه ويرى ذلّ عشيرته لا تستطيع عزة نفسه تحمّل الذل، فيخفض رأسه وينظر إلى نفسه، فيراها محملة إلى حدٍّ ما بالعزة. وعندها يبدأ غروره المجروح بالأنانية بالصراخ قائلاً: وماذا عليّ.. ها أنذا! وهاهي أفعالي أنا.. فينسحب من تلك العشيرة أو ينتسب إلى أخرى مُظهِراً عدم أصالته.

أما الثاني فكلما رفع رأسه سطعت أمام ناظرَيْه مفاخرُ عشيرته فينتفخ غروره. ولكن

Yükleniyor...