المجحفة الخادعة أنه لقيط أوروبا لإظهار افتتانه بها ونفوره من أمته، فإنه أيضاً بالهجاء النابع من الخِداع والفكر الثوري والميل إلى التخريب، والمشحون بالعصيان والافتراء والتعرض للشرف، يُظهر فرعونيتَه والثناءَ على نفسه والتربيت على غروره ضمناً، مبدياً دون علم منه عداءه للإسلام. علماً أنه المكلف بالشعور بالشفقة على أمته شرعاً وعقلاً وحكمة، إلّا أنه بحكم الفرعونية والأنانية والغرور يضع الشعور بالتحقير بدلاً من الشعور بالشفقة، والميلَ إلى النفور من الأمة بدلاً من ميل الانجذاب إليها، وإرادةَ الاستخفاف بها بدلاً من محبتها، ويَصِمُها بالجهل بدلاً من احترامها، ويرغب في التكبر عليها بدلاً من الرحمة بها، ويقيم روح الانفرادية بدلاً من روح التضحية والفداء لها... فيثبت بهذا كله أنه لا يملك حَمِيَّة للأمة وأنه مبتوت الأصالة، فيكون جانياً منفوراً منه في نظر الحقيقة بحيث يتصرف تصرف الأحمق الأبله، كمن يحاول إلباس عالم فاضل في المسجد ملابسَ أعجبته لراقصة ساقطة في باريس.

ذلك لأن الحمية هي نتيجة ضرورية للمحبة والاحترام والرحمة، فلا حمية بدون هذه الأمور، وإلّا فهي حمية كاذبة وخادعة. والنفورُ من الأمة خلافُ الحمية أيضاً، فقساوسة أوربا الذين يشنون هجومهم على المتعصبين عندنا، كل منهم أكثر تعصباً وتزمتاً في مسلكهم السقيم؛ فلو مَدَح عالمٌ دينيٌ الشيخَ الكيلاني بإفراطٍ كمدحِ أولئك لشكسبير لكُفِّرَ.

هيهات، أين المحبة من هؤلاء؟

إن إحدى العقد الحياتية المحرِّكة للمجتمع والدافعةِ إلى الفعالية، هو الفكر الأدبي. الذي بدأ فينا وحده بالنمو -مع الأسف- ولا سيما أدب الهجاء ورغبة تحقير الآخرين. والذي ينطوي على الإعجاب بالنفس والغلو في الوصف في أسلوب شعري وبما لا يليق بالأدب. فهو أدب خارج عن الأدب الحقيقي الذي تُؤَدِّبنا به الآيةُ الكريمة ﹛﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾|﹜ (الحجرات:١٢) بحيث يهاجم كلٌّ الآخرَ. ومع ردّ تعرضات ضمنية للأمة وللإسلام بوجه أولئك القسس، نمر مرّ الكرام على هجائهم اللاديني وإهانة الآخرين، فنمضي قائلين: ربما يستحقون ذلك.

Yükleniyor...