قال أحدهم من المجلس: لِمَ ترفض الشريعةُ هذه المدنية؟ (4)

قلت: لأنها تأسست على خمسة أسس سلبية:

فنقطة استنادها هي: القوة، وهذه شأنها الاعتداء.

وهدفها وقصدها: المنفعة، وهذه شأنها التزاحم.

ودستورها في الحياة: الجدال والصراع، وهذا شأنه التنازع.

والرابطة التي تربط المجموعات البشرية هي: العنصرية والقومية السلبية التي تنمو على حساب الآخرين. وهذه شأنها التصادم، كما نراه.

وخدمتها للبشرية خدمة فاتنة جذابة هي: تشجيع هوى المنفعة، وإثارة النفس الأمارة، وتطمين رغباتها وتسهيل مطاليبها. وهذا الهوى شأنه إسقاط الإنسان من درجة الملائكية إلى درك الحيوانية الكلبية. وبهذا تكون سبباً لمسخ الإنسان معنوياً.

فمعظم هؤلاء المدنيين لو انقلب باطنهم بظاهرهم لوجد الخيال تجاهه صور الذئاب والدببةِ والحيات والقردة والخنازير.

ولأجل هذا فقد دفعت هذه المدنية الحاضرة ثمانين بالمئة من البشرية إلى أحضان الشقاء، وأَخرجت عشرة بالمئة منها إلى سعادة مموهة زائفة، وظلت العشرة الباقية بين هؤلاء وأولئك، علماً أن السعادة إنما تكون سعادة عندما تصبح عامة للكل أو للأكثرية؛ بيد أن سعادة هذه المدنية هي لأقل القليل من الناس.

لأجل كل هذا لا يَرضى القرآن الكريم بمدنية لا تَضْمَن سعادة الجميع أو لا تعم الغالبية العظمى.

ثم إنه بتحكم الهوى الطليق من عقاله، تحولتْ الحاجاتُ غير الضرورية إلى ما يشبه

Yükleniyor...