نطاق الشخص:

يحوز الشخص أوصافاً كثيرة؛ إن كانت صفةٌ منها تستحق العِداء، فيقتضي حصرَ العِداء في تلك الصفة وحدها، حسب القانون الإلهي الوارد في الآية الكريمة، بل على الإنسان أن يشفق على ذلك الشخص المالك لصفات بريئة كثيرة أخرى ولا يعتدي عليه؛ بينما الظالم الجهول يعتدي على ذلك الشخص لصفة جانية فيه، لما في طبيعته من ظلم مغروز، بل تَسري عداوته لأوصاف بريئة فيه، حيث يخاصم الشخص نفسه، وربما لا يكتفي بالشخص وحده فيشمل ظلمُه أقاربَ الشخص بل كلَّ من في مسلكه، علماً أن تلك الصفة الجانية قد لا تكون نابعة من فساد القلب، وربما هي نتيجة أسباب أخرى، حيث إن أسباباً كثيرة تولد الشيء الواحد، فلا تكون الصفة جانية، بل حتى لو كانت تلك الصفة كافرة أيضاً لا يكون الشخص جانياً.

وفي نطاق الجماعة:

نشاهد أن شخصاً حريصاً، قد طرح فكراً ينطوي على رغبة، فقال بدافع الانتقام أو بدافعِ اعتراضٍ جارح: سيتبعثر الإسلام ويتشتت، أو ستمحى الخلافة. فيتمنى أن يُهانَ المسلمون -العياذ بالله- وتُخنق الأخوةُ الإسلامية، لكي يَظهر صدق كلامه ويَشبع غرورُه وأنانيته فحسب، بل يحاول إيضاح ظلم الخصم الجاحد في صورةِ عدالةٍ، باختلاقِ تأويلات وحذلقات لا تخطر على بال.

وفي نطاق المدنية الحاضرة:

نشاهد أن هذه المدنية المشؤومة قد أعطت البشريةَ دستوراً ظالماً غداراً، بحيث يزيل جميعَ حسناتها، ويبين السرَّ في قلق الملائكة الكرام لدى استفسارهم ﹛﴿ اَتَجْعَلُ ف۪يهَا مَنْ يُفْسِدُ ف۪يهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَٓاءَ ﴾|﹜ (البقرة:٣٠) إذ لو وُجد خائن واحد في قصبة، فإنها تقضي بتدميرها وبمن فيها من الأبرياء، ولو وجد عاصٍ واحد في جماعة فهي تقضي بالقضاء على تلك الجماعة مع أفرادها وعوائلها وأطفالها. ولو تحصّن من لا يخضع لقانونها في جامع أياصوفيا فإنها تقضي بتخريب ذلك البناء المقدس الذي هو أثمن من مليارات الذهب. وهكذا تحكُم هذه المدنية بوحشية رهيبة.

فلئن كان المرء لا يؤاخَذ حتى بجريرةِ أخيه، فكيف تدان ألوفُ الأبرياء في قصبةٍ أو في جماعة لوجودِ مخرِّب واحد فيها. علماً أنه لا تخلو مدينة أو جماعة منهم.


Yükleniyor...