فلأن أخصّ البسائطِ الضروريةُ، والمركباتِ الوقتيةُ.. وهما تصدقان بلا عكس، ولو ممكنة عامة؛ في «بعض الحيوان ليس بانسان بالضرورة».. مع كذب «بعض الإنسان ليس بحيوان بالإمكان».. و«بعض القمر ليس بمنخسف بالضرورة»، مع كذب بعضُ المنخسف ليس بقمر ولو بالإمكان، لأن خاصية الانخساف للقمر تشف عن تستر قمر تحت بعض.

وسر عدم جريان الخلف في السوالب الجزئية؛ أن الخلف ضمّ نقيض العكس إلى الأصل صغرى أو كبرى ليلزم المحال، والحال أن أصلنا هنا لسلبه لا يصير صغرى.. ولجزئيته لا يصير كبرى. وأما ثبوت الانعكاس في الخاصتين؛ فلأن الأصل يقول: إن ذات الموضوع موجود بحكم القيد الموجب.. وإن الذات متّصف بعنوان الموضوع وهو ظاهر.. وبعنوان المحمول بحكم القيد، وبنفي المحمول بحكم عقد الحمل.. وبنفي الموضوع بحكم المنافاة بين الوصفين. فالوصفان متنافيان ومتعاقبان على ذات واحد.. «هَرْوَكِي بِرَاجُوتِكْ». (513) فالذات في أيّهما استتر، يبعد عنه الآخر.. إلى أن يزول ما أخذه.

اعلم أن العكس تحصيل أخص القضايا اللازمة.. فنثبت اللزوم بالخلف وعدم الانعكاس.. أو إلى الأخص لزوماً، فبالتخلف.. والخلف إبطال الشيء بإثبات نقيضه. ففي الاشكال يُضمُ نقيض النتيجة صغرى أو كبرى، (514) لينتج ما ينافي الآخر. وفي العكس ضمّ نقيض العكس كبرى للأصل في الموجبات.. وصغرى له في السوالب، لينتج سلب الشيء عن نفسه في المستوي. وحملَ الشيء على نقيضه في عكس النقيض..

وصورته، من المعقول الثاني هكذا: لو لم يصدّق العكس، لصدق نقيضه بالضرورة. ولو صدق النقيض، لصدّق مع كل صادق.. بسر أن الصدق أبدي. وإذا صدق مع كل صادق صدق مع الأصل. لأنه مفروض الصدق، فمن الكل.. وإذا صدقا معاً، حصل الشكل الأول. وإذا تركب الشكل الأول، أنتج بالبداهة المحال. وهو سلب الشيء عن نفسه هنا، وهو باطل: لوجود الموضوع بالإيجاب في الأصل، أو نقيض العكس.. وملزوم المحال غير ممكن، فنقيض غير الممكن واجب ولازم، وهو المطلوب..

Yükleniyor...