فإذا علمت هذه الجهات الثلاث من تمايز الإنسان عن سائر الحيوانات أنتج لك بالضرورة: أن النبوة المطلقة في نوع البشر قطبٌ بل مركزٌ ومحور تدور عليه أحوال البشر وذلك كالآتي:
دقق النظر في الجهة الأولى:
إنه لما لم يكفِ ميلُ الإنسان الطبيعي وسَوقُ إنسانيته، وقَصرُ نظره، واختلاطُ الأوهام في طريق عقله.. احتاج البشر أشد الحاجة إلى مرشد ومعلم.. فذلك المرشد هو النبي ﷺ.
ثم تدبر في الجهة الثانية:
إن اللاتناهية المغروزةَ في الإنسان، وميلَه إلى التجاوز في طبيعته، وعدمَ تحدد قواه، وعدمَ انضباط آماله... هذه اللاتناهية في الميول والآمال لا يسعها قانونُ البشر الذي لا ينطبق على قامة استعداده النامية كثمرة لميله إلى الترقي الذي هو غصنٌ من شجرة ميلِ الاستكمال في العالم.
فعدمُ كفاية هذا القانون البشرى الحاصل نتيجة تلاحق الأفكار والتجارب التدريجية، لإنماء بذور ثمرة استعدادات الإنسان، جعل الإنسان يحتاج إلى شريعة إلهية حية خالدة تحقّق له سعادة الدارين معاً مادةً ومعنىً، وتتوسع حسب قامة استعداداته ونموها...فالذي أتي بالشريعة هو النبي ﷺ.
Yükleniyor...