النصارى بل على البشرية قاطبة. لأن أحد أسبابها التي يشترك فيها الناس كلهم هو الضلال الناشئ من الفكر المادي، والحرية الحيوانية، وتحكّم الهوى.

أما ما يعود إلينا من سبب فهو: إهمالنا أركان الإسلام وتركنا الفرائض؛ إذ طلب منا سبحانه وتعالى ساعة واحدة من أربع وعشرين ساعة، طلبها لأجلنا نحن، لأداء الصلوات الخمس، فتقاعسنا عنها. وأهملناها غافلين، فجازانا بتدريب شاق دائم لأربع وعشرين ساعة طوال خمس سنوات متواليات، أي أرغمنا على نوع من الصلاة! وأنه سبحانه طلب منا شهرا من السنة نصوم فيه رحمة بأنفسنا. فعزّت علينا نفوسُنا فأرغمنا على صوم طوال خمس سنوات، كفّارة لذنوبنا. وأنه سبحانه طلب منا الزكاة عُشرا أو واحدا من أربعين جزءا من ماله الذي أعطاه لنا، فبخلنا وظلمنا وخلطناه بالحرام، ولم نعطها طوعا. فأرغمنا على دفع زكاة متراكمة. وأنقذنا من الحرام، فالجزاء من جنس العمل.

إن العمل الصالح نوعان: أحدهما: إيجابي واختياري. والآخر: سلبي واضطراري.

فالآلام والمصائب كلها أعمال صالحة سلبية اضطرارية، كما ورد في الحديث الشريف وفيه سلواننا وعزاؤنا. (22) ولهذا، فلقد تطهرت هذه الأمة المذنبة وتوضأت بدمها. وتابت توبة فعلية. وكان ثوابها العاجل رفع خُمس هذه الأمة العثمانية -أي أربعة ملايين من الناس- إلى مرتبة الولاية ومنحهم درجة الشهادة والمجاهدين.. هكذا كفّر عن الذنوب.

استحسن مَن في المجلس الرفيع المثالي هذا الكلام. وانتبهتُ من نومي، بل قد نمتُ مجددا باليقظة. لأنني أعتقد أن اليقظة رؤيا والرؤيا نوع من اليقظة.

سعيد النورسي هنا، ممثل العصر هناك.

∗ ∗ ∗



Yükleniyor...