كونه أجملَ صحيفةٍ لظهور نقوش الأسماء الحسنى النورانية وأعظمَ معرضٍ لعرض دقائق الصنعة الربانية البديعة.. فالتفكر في الربيع من هذه الزاوية محبة متوجهة إلى الأسماء الحسنى.

وحتى حبُّ الدنيا والشغفُ بها ينقلب إلى محبةٍ لوجه الله تعالى فيما إذا كان النظر إليها من زاوية كونها مزرعةً الآخرة، ومرآةَ الأسماء الحسنى، ورسائلَ ربانية إلى الوجود، ودار ضيافة موقتة -وعلى شرط عدم تدخل النفس الأمارة في تلك المحبة-.

ومجمل القول: اجعل حبك للدنيا وما فيها من مخلوقات بالمعنى «الحرفي» وليس بالمعنى «الاسمي» أي لمعنى ما فيها وليس لذاتها. ولا تقل لشيء: «ما أجملَ هذا» بل قل: «ما أجملَه خَلقا» أو «ما أجمل خَلقه»! وإياك أن تترك ثغرة يدخل منها حب لغير الله في باطن قلبك، فإن باطنه مرآة الصمد، وخاص به سبحانه وتعالى. وقل: اللهم ارزقنا حبَّك وحبَّ ما يقرّبنا إليك.

وهكذا فإن جميع ما ذكرناه من أنواع المحبة، إن وجِّهَت الوجهة الصائبة على الصورة المذكورة آنفا، أي عندما تكون لله وفي سبيله، فإنها تورث لذة حقيقية بلا ألم. وتكون وصالا حقا بلا زوال، بل تزيد محبة الله سبحانه وتعالى، فضلا عن أنها محبة مشروعة وشكر لله في اللذة نفسها، وفكر في آلائه في المحبة عينها.

مثال للتوضيح: إذا أهدى إليك سلطان عظيم (15) تفاحةً –مثلا- فإنك ستكنّ لها نوعين من المحبة، وستلتذ بها بشكلين من اللذة:

الأولى: المحبة التي تعود إلى التفاحة، من حيث إنها فاكهة طيبة فيها لذة بقدر ما فيها من خصائص، هذه المحبة لا تعود إلى السلطان. بل مَن يأكلها بشراهة أمامه يبدي محبتَه للتفاحة وليس للسلطان، وقد لا يعجب السلطان ذلك التصرف منه، وينفر من تلك المحبة الشديدة للنفس. علاوة على أن لذة التفاحة جزئية وهي في زوال. إذ بمجرد الانتهاء من أكلها تزول اللذةُ وتورث الأسف.

أما المحبة الثانية: فهي للتكرمة السلطانية والتفاتته اللطيفة التي ظهرت بالتفاحة.. فكأن تلك التفاحة نموذج للتوجه السلطاني، أو هي ثناء مجسّم منه. فالذي يتسلم هديةَ السلطان


Yükleniyor...