ويوظّفها، ويجعلها رزقا للآخرين، فيُنعم عليها برَفعِها إلى المرتبة اللطيفة للحيوانات.. ويستخدم ذرات الحيوانات -عن طريق الرزق- فيرفَعُها إلى درجة الحياة الإنسانية.. وبإمرار ذرات جسم الإنسان من خلال مصافيَ عدة مراتٍ ومرات، وتنقيتِها وجعلها لطيفة، يرقيها إلى ألطف مكان وأعزّ موقع في الجسم وهو الدماغ والقلب.

يُفهم مما ذُكر أن حركات الذرات ليست سدىً وليست حركتها خاليةً من الحكمة، بل تُهرع الذراتُ وتُساق إلى نوع من الكمال اللائق بها.

ثالثا: إن قسما من ذرات الكائن الحي -كذرات البذور والنوى- ينال نورا معنويا، ولطافةً ومزيّة، بحيث يكون بمثابة روحٍ وسلطانٍ على سائر الذرات، وعلى الشجرة الضخمة نفسها.

فاعتلاءُ هذه الذرات -من بين مجموع ذرات الشجرة العظيمة- هذه المرتبة، إنما هو حصيلةُ أدائها وظائفَ دقيقةً ومهماتٍ جليلةً في أثناء مراحل نمو الشجرة، مما يدل على أن تلك الذرات حينما تؤدي وظيفتَها الفطرية بأمر الخالق الحكيم، تنال لطافةً معنوية ونورا معنويا ومقاما رفيعا وإرشادا ساميا، حسب أنواع حركاتها ووفقَ ما يتجلى عليها من تجليات الأسماء الحسنى، وسموّ تلك الأسماء.

الخلاصة: إن الخالق الحكيم قد عيّن لكلِّ شيء نقطةَ كمالٍ يناسب ذلك الشيء، وحدّد نورَ وجودٍ يليق به، فيسوق ذلك الشيء إلى نقطة الكمال تلك، باستعداد يمنحُه إياه. فهذا القانون للربوبية مثلما هو جارٍ في جميع النباتات والحيوانات، جارٍ أيضا في الجمادات، حتى يمنح سبحانه الترابَ العادي رقيا يبلغ به درجة الألماس ومرتبة الأحجار الكريمة.

من هذه الحقيقة ينكشف طرف من قانون عظيم هو: «قانون الربوبية» .

وإن ذلك الخالق الكريم، في أثناء تسخيره الحيوانات لإنفاذ قانونِ التناسل العظيم، يمنحها لذةً جزئية، أجرةً لأدائها الوظيفة. ويهَب للحيوانات المستخدمة لإنفاذِ أوامرَ ربانية -كالبلبل والنحل- أجرةَ كمالٍ راقية، مقاما يبث الشوق والمتعة..

من هذه الحقيقة ينكشف طرف من قانون عظيم هو: «قانون الكرم» .


Yükleniyor...