سنبين ثلاثة أوجه فقط من بين الوجوه العديدة لهذا السبب الثالث:
الوجه الأول: لا يمكن اللحاق بالصحابة الكرام في الاجتهاد، أي في استنباط الأحكام، أي إدراك مرضاة الله سبحانه من خلال كلامه؛ لأنّ محور ذلك الانقلاب الإلهي العظيم الذي حدث في ذلك الوقت كان يدور على مرضاة الرب من خلال فَهم أحكامه الإلهية. فالأذهانُ كلُّها كانت مفتوحةً متوجهةً إلى استنباط الأحكام، والقلوبُ كلها كانت متلهفةً إلى معرفة: ماذا يريد منا ربُّنا؟ فالمحادثات والمحاورات كانت تتضمن هذه المعاني، والظروف والأحداث تجري في ضوئها.
وحيث إنّ كل شيء في ذلك الوقت وكلَّ حال وكلَّ محاورة ومجالسة ومحادثة وحكاية تجري بما يرشد إلى تلك المعاني ويدل عليها، لذا كانت -تلك الظروف- تكمّل قابليات الصحابة الكرام وتنوّر أفكارَهم وتُهيئ استعداداتِهم لقدح زنادها للاجتهاد واستنباط الأحكام، إذ كانوا يكسبون من المَلَكة على الاستنباط والاجتهاد في يوم واحد أو في شهر واحد ما لا يمكن أن يحصل عليه في هذا الوقت مَن هو في مستوى ذكائهم واستعدادهم في عشر سنوات، بل في مائة سنة، لأن الأنظار في الوقت الحاضر متوجهة إلى نيل حياة دنيوية رغيدة دون سعادة الآخرة الأبدية وحياة النعيم المقيم فيها، فالأنظارُ مصروفة عنها. فهمومُ العيش التي تتضاعف بعدم التوكل على الله تلقي ثقلَها على روح الإنسان وتجعلها في اضطراب وقلق، والفلسفةُ المادية والطبيعية تكلّ العقلَ وتعمي البصيرة. فترى المحيط الاجتماعي الحاضر مثلما لا يمدّ ذهنَ ذلك الشخص «الذكي» لا يؤازر استعدادَه الفطري نحو الاجتهاد فضلا عن أنه يشتته ويرهقه أكثر.
ولقد عقدنا موازنة في رسالة «الاجتهاد» بين سفيان ابن عيينة ومَن هو في مستوى ذكائه في هذا العصر، وخلُصنا من الموازنة إلى: «أن ما حصل عليه سفيان في عصره من القدرة على الاستنباط في عشر سنوات لا يمكن أن يحصل عليه من هو بمستوى ذكائه في هذا العصر في مائة سنة».
الوجه الثاني: لا يمكن اللحاق بالصحابة الكرام في قربهم من الله بخطى الولاية؛ ذلك
الوجه الأول: لا يمكن اللحاق بالصحابة الكرام في الاجتهاد، أي في استنباط الأحكام، أي إدراك مرضاة الله سبحانه من خلال كلامه؛ لأنّ محور ذلك الانقلاب الإلهي العظيم الذي حدث في ذلك الوقت كان يدور على مرضاة الرب من خلال فَهم أحكامه الإلهية. فالأذهانُ كلُّها كانت مفتوحةً متوجهةً إلى استنباط الأحكام، والقلوبُ كلها كانت متلهفةً إلى معرفة: ماذا يريد منا ربُّنا؟ فالمحادثات والمحاورات كانت تتضمن هذه المعاني، والظروف والأحداث تجري في ضوئها.
وحيث إنّ كل شيء في ذلك الوقت وكلَّ حال وكلَّ محاورة ومجالسة ومحادثة وحكاية تجري بما يرشد إلى تلك المعاني ويدل عليها، لذا كانت -تلك الظروف- تكمّل قابليات الصحابة الكرام وتنوّر أفكارَهم وتُهيئ استعداداتِهم لقدح زنادها للاجتهاد واستنباط الأحكام، إذ كانوا يكسبون من المَلَكة على الاستنباط والاجتهاد في يوم واحد أو في شهر واحد ما لا يمكن أن يحصل عليه في هذا الوقت مَن هو في مستوى ذكائهم واستعدادهم في عشر سنوات، بل في مائة سنة، لأن الأنظار في الوقت الحاضر متوجهة إلى نيل حياة دنيوية رغيدة دون سعادة الآخرة الأبدية وحياة النعيم المقيم فيها، فالأنظارُ مصروفة عنها. فهمومُ العيش التي تتضاعف بعدم التوكل على الله تلقي ثقلَها على روح الإنسان وتجعلها في اضطراب وقلق، والفلسفةُ المادية والطبيعية تكلّ العقلَ وتعمي البصيرة. فترى المحيط الاجتماعي الحاضر مثلما لا يمدّ ذهنَ ذلك الشخص «الذكي» لا يؤازر استعدادَه الفطري نحو الاجتهاد فضلا عن أنه يشتته ويرهقه أكثر.
ولقد عقدنا موازنة في رسالة «الاجتهاد» بين سفيان ابن عيينة ومَن هو في مستوى ذكائه في هذا العصر، وخلُصنا من الموازنة إلى: «أن ما حصل عليه سفيان في عصره من القدرة على الاستنباط في عشر سنوات لا يمكن أن يحصل عليه من هو بمستوى ذكائه في هذا العصر في مائة سنة».
الوجه الثاني: لا يمكن اللحاق بالصحابة الكرام في قربهم من الله بخطى الولاية؛ ذلك
Yükleniyor...