في الشتاء وأصبحت شبيهة بالعظام، ويجعلُها مخضرّة، بل يُظهر في كلِّ شجرةٍ ثلاثةَ نماذجَ من الحشر؛ في الأوراق والأزهار والأثمار.. إنّ هذا القدير لا تُتحدّى قدرتُه بالإنكار ولا يُستبعَد منه الحشر».

ثم يشير إلى دليل آخر ويقول: «إنّ الذي أخرج لكم النارَ، تلك المادة الخفيفة النورانية، من الشجر الكثيف الثقيل المظلم، كيف تستبعدون منه منحَ حياةٍ لطيـفة كالنار، وشعورٍ كالنور لعظـام كالحطب».

ثم يأتي بدليل آخر صراحةً ويقول: إن الذي يخلق النار من الشجر المشهور لدى البدويين بِحَكّ غصنَين معا، ويجمع بين صفتين متضادتين (الرطوبة والحرارة) ويجعل إحداهما منشأً للأخرى، يدلنا على أن كل شيء حتى العناصر الأصلية والتابعة إنما تتحرك بقوته وتتمثل بأمره. ولا شيء منها يتحرك بذاته أو سدىً. فمثل هذا الخالق العظيم لا يمكن أن يُستبعد منه إحياءُ الإنسان من التراب -وقد خَلقه من التراب ويعيده إليه- فلا يُتحدّى بالعصيان.

ثم بعد ذلك يذكّر بكلمة ﹛﴿ الشَّجَرِ الْاَخْضَرِ ﴾|﹜ شجرة موسى عليه السلام المشهورة فيومئ إلى اتفاق الأنبياء إيماءً لطيفا، بأن هذه الدعوى الأحمدية عليه الصلاة والسلام هي بعينها دعوى موسى عليه السلام. مما يزيد إيجاز هذه الكلمة لطافةً وحسنا آخر.

الضوء الرابع: إنّ إيجاز القرآن جامع ومعجز، فلو أُنعم النظرُ فيه لشوهد بوضوح أن القرآن قد بيّن في مثالٍ جزئي وفي حادثة خاصة، دساتيرَ كلية واسعة وقوانينَ عامة طويلة، وكأنه يبين في غُرفة ماءٍ بحرا واسعا.

سنشير إلى مثالين اثنين من آلاف أمثلته.

المثال الأول: هو الآيات الثلاث التي فصّلنا شرحَها في المقام الأول من «الكلمة العشرين»: وهي: أنه بتعليم آدم عليه السلام الأسماءَ كلَّها تفيد الآية الكريمة: تعليمَ جميع العلوم والفنون الملهَمة لبني آدم.

وبحادثة سجود الملائكة لآدم عليه السلام وعدمِ سجود الشيطان تبيّن الآية أن أكثر الموجودات -من السمك إلى المَلَك- مسخرة لبني الإنسان، كما أن المخلوقات المضرة -من الثعبان إلى الشيطان- لا تنقاد إليه بل تُعاديه. وبحادثة ذبح قوم موسى عليه السلام البقرةَ

Yükleniyor...