أو أن سلطانا ذا معجزات يرفع الجبال وينسفها ويغيّر المدن بكاملها ويحوّل البحر برا، بإشارة منه، إظهارا لقدرته وجعلها آية للناس.. فبينما ترى منه هذه الأعمال إذا بصخرة عظيمة قد تدحرجت إلى وادٍ وسدّت الطريق على ضيوفه، وقيل لك: إن هذا السلطان سيميط حتما تلك الصخرة من على الطريق ويحطمها مهما كانت كبيرة، حيث لا يمكن أن يدع ضيوفه في الطريق.. كم يكون جوابك هذيانا أو جنونا إذا ما أجبته بقولك: لا، لا يستطيع أن يفعل؟!!.. أو أن قائدا يمكنه أن يجمع من جديد أفراد جيشه الذي شكّله بنفسه في يوم واحد. وقيل لك: إن هذا سيجمع أفراد تلك الفرق وسينضوي تحت لوائه أولئك الذين سُرّحوا وتفرّقوا، بنفخة من بوق، فأجبته: لا، لا أصدق!. عندها تفهم أن جوابك هذا ينبئ عن تصرف جنوني، أيّ جنون!!

فإذا فهمت هذه الأمثلة الثلاثة فتأمل في ذلكم البارئ المصور سبحانه وتعالى الذي يكتب أمام أنظارنا بأحسن صورة وأتمها بقلم القدرة والقدر أكثر من ثلاثمائة ألف نوع من الأنواع على صحيفة الأرض، مُبدّلا صحيفة الشتاء البيضاء إلى الأوراق المتفتحة للربيع والصيف، يكتبها متداخلة دون اختلاط، يكتبها معا دون مزاحمة ولا التباس، رغم تباين بعضها مع البعض الآخر في التركيب والشكل. فلا يكتب خطأ مطلقا. أفَيمكن أن يُسأل الحفيظ الحكيم الذي أدرج خطةَ روح الشجرة الضخمة ومنهاجها في بذرة متناهية في الصغر محافظا عليها، كيف سيحافظ على أرواح الأموات؟. أم هل يمكن أن يُسأل القدير ذو الجلال الذي يُجري الأرض في دورتها بسرعة فائقة، كيف سيزيلها من على طريق الآخرة، وكيف سيدمّرها؟ أم هل يمكن أن يُسأل ذو الجلال والإكرام الذي أوجد الذرات من العدم ونسّقها بأمر ﹛﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾|﹜ في أجساد جنود الأحياء، فأنشأ منها الجيوش الهائلة، كيف سيجمع بصيحة واحدة تلك الذرات الأساسية التي تعارفت فيما بينها، وتلك الأجزاء الأساسية التي انضوت تحت لواء فرقة الجسد ونظامه؟

فها أنت ذا ترى بعينيك كم من نماذجَ وأمثلةٍ وأمارات للحشر شبيهة بحشر الربيع، قد أبدعها البارئ سبحانه وتعالى في كل موسم، وفي كل عصر، حتى إن تبديل اللّيل والنّهار، وإنشاء السحاب الثقال وإفناءها من الجو، نماذجُ للحشر وأمثلة وأمارات عليه.


Yükleniyor...