هذه الخاصية لا تسمح أن يتحكم في ذلك النــور دهاء (21) روما -الممثل لروح هذه المدنية- ولا يطعّم بها ولا يمتزج معها. ولن تكون الشريعة تابعة لذلك الدهاء.
اذ الشريعة تُربّي في روح الإسلام الشفقة وعزة الإيمان. فلقد اخذ القرآن بيده حقائق الشريعة. كل حقيقة منها عصا موسى (في تلك اليد). وستسجد له تلك المدنية الساحرة سجدة تبجيل وإعجاب.
والآن دقق النظر في هذا: كانت روما القديمة واليونان يملكان دهاءً، وهما دهاءان توأمان، ناشئان من أصل واحد. أحدهما غلب الخيال عليه. والآخر عبد المادة. ولكنهما لم يمتزجا، كما لا يمتزج الدهن بالماء. فحافظ كل منهما على استقلاله رغم مرور الزمان، ورغم سعي المدنية لمزجهما، ومحاولة النصرانية لذلك. إلّا أن جميع المحاولات باءت بالإخفاق.
والآن، بدلت تلكما الروحان جسديهما، فأصبح الألمان جسد أحدهما والفرنسيون جسد الآخر. وكأنهما قد تناسخا منهما.
ولقد أظهر الزمان أن ذينك الدهاءين التوأمين قد ردّا أسباب المزج بعنف، ولم يتصالحا إلى الوقت الحاضر.
فلئن كان التوأمان الصديقان الأخوان الرفيقان في الرقي قد تصارعا ولم يتصالحا، فكيف يمتزج هدى القرآن -وهـو من أصل مغاير ومعدنٍ آخر ومطلع مختلف- مع دهاء روما وفلسفتها؟! فذلك الدهاء، وهذا الهدى مختلفان في المنشأ.
الهدى نـزل من السماء.. والدهاء خرج من الأرض.
الهدى فعّال في القلب، يدفع الدماغ إلى العمل والنشاط. بينما الدهاء فعال في الدماغ، ويعكرّ صفو القلب ويكدّره.
الهدى ينور الروح حتى تثمر حباتها سنابل، فتتنور الطبيعة المظلمة، وتتوجه الاستعدادات نحو الكمال، ولكن يجعل النفس الجسمانية خادمة مطيعة، فيضع في سيماء الإنسان الساعي الجاد صورة المَلَك... أما الدهاء فيتوجّه مقدما إلى النفس والجسم ويخوض
اذ الشريعة تُربّي في روح الإسلام الشفقة وعزة الإيمان. فلقد اخذ القرآن بيده حقائق الشريعة. كل حقيقة منها عصا موسى (في تلك اليد). وستسجد له تلك المدنية الساحرة سجدة تبجيل وإعجاب.
والآن دقق النظر في هذا: كانت روما القديمة واليونان يملكان دهاءً، وهما دهاءان توأمان، ناشئان من أصل واحد. أحدهما غلب الخيال عليه. والآخر عبد المادة. ولكنهما لم يمتزجا، كما لا يمتزج الدهن بالماء. فحافظ كل منهما على استقلاله رغم مرور الزمان، ورغم سعي المدنية لمزجهما، ومحاولة النصرانية لذلك. إلّا أن جميع المحاولات باءت بالإخفاق.
والآن، بدلت تلكما الروحان جسديهما، فأصبح الألمان جسد أحدهما والفرنسيون جسد الآخر. وكأنهما قد تناسخا منهما.
ولقد أظهر الزمان أن ذينك الدهاءين التوأمين قد ردّا أسباب المزج بعنف، ولم يتصالحا إلى الوقت الحاضر.
فلئن كان التوأمان الصديقان الأخوان الرفيقان في الرقي قد تصارعا ولم يتصالحا، فكيف يمتزج هدى القرآن -وهـو من أصل مغاير ومعدنٍ آخر ومطلع مختلف- مع دهاء روما وفلسفتها؟! فذلك الدهاء، وهذا الهدى مختلفان في المنشأ.
الهدى نـزل من السماء.. والدهاء خرج من الأرض.
الهدى فعّال في القلب، يدفع الدماغ إلى العمل والنشاط. بينما الدهاء فعال في الدماغ، ويعكرّ صفو القلب ويكدّره.
الهدى ينور الروح حتى تثمر حباتها سنابل، فتتنور الطبيعة المظلمة، وتتوجه الاستعدادات نحو الكمال، ولكن يجعل النفس الجسمانية خادمة مطيعة، فيضع في سيماء الإنسان الساعي الجاد صورة المَلَك... أما الدهاء فيتوجّه مقدما إلى النفس والجسم ويخوض
Yükleniyor...