وإن جميع «المعارف» الحقة التي يحملها جميعُ العارفين نتيجة إخلاصهم في عبوديتهم لله.. والشكرَ المثمر النابع من صميم قلوب الشاكرين.. والأذكارَ المنورة التي ترطب ألسنة الذاكرين.. والحمدَ المزيد للنعمة الذي يلهج به الحامدون.. والتوحيدَ الحقيقي المصدَّق بآيات جميع الموجودات الذي يبثه الموحّدون.. والحبَّ الإلهي وعشقه الصادق الذي يشيعه المحبون والواجدون.. ورغبات المريدين الخالصة في الله، وحزم إرادتهم في السير إليه.. والإنابة الصادقة، والتوسل الحزين لدى المنيبين.. كل هذه الظواهر المنبعثة من جميع هؤلاء الذين يحمل كلّ منهم قوةَ التواتر والإجماع، تدل دلالة قوية على وجوب وجود ذلكم المعبود الأزلي؛ المعروف، المذكور، المشكور، المحمود، الواحد، المحبوب، المرغوب، المقصود، وتدل على كمال ربوبيته ووحدانيته.

ثم إن جميع العبادات المقبولة التي يتعبّد بها الكاملون من الناس، وما ينبعث من تلك العبادات المُرضية من فيوضات ومناجاة ومشاهدات وكشفيات، جميعها تدل دلالة قوية جدا على ذلك الموجود الباقي، وذلك المعبود الأبدي وعلى أحديته وكمال ربوبيته.

فهذه النافذة المضيئة والواسعة جدا، تنفتح من ثلاث جهات انفتاحا على الوحدانية.

النافذة العاشرة

﹛﴿ وَاَنْزَلَ مِنَ السَّمَٓاءِ مَٓاءً فَاَخْرَجَ بِه۪ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْۚ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِاَمْرِه۪ۚ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْاَنْهَارَۚ ❀ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَٓائِبَيْنِۚ وَسَخَّرَ لَكُمُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَۚ ❀ وَاٰتٰيكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَاَلْتُمُوهُۜ وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّٰهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾|﹜ (إبراهيم:٣٢-٣٤)


إن معاونة الموجودات بعضها للبعض الآخر وتجاوبَها فيما بينها، وتساندَها في الوظائف والواجبات.. تدل على أن كل المخلوقات تحت تربية ورعاية مُربٍّ واحد أحد. وأن الكل تحت أمر مدبر واحد أحد.. وأن الكل تحت تصرف واحد أحد.. ذلك لأن «دستور التعاون» بين الموجودات، يجري ابتداءً من الشمس، التي تهيئ بأمر الله لوازم الحياة للأحياء، ومن القمر الذي يعلمنا المواقيت، وانتهاءً إلى إمداد الضوء والهواء والماء والغذاء لذوي الحياة، وإمداد


Yükleniyor...