ما يؤديانه من مهام، فيبخسون حقهما، بل لا يعرفون خالقَهما ولا دلالاتهما على صانعهما، فيستهينون بهما، ويتخذون منهما موقفَ العداء والإهانة والاستخفاف، فلابد ألّا تكتفي السماواتُ والأرض بعدم البكاء عليهم، بل تدعوان عليهم بل ترتاحان لهلاكهم.

وتقول كذلك بالمفهوم المخالف: إن السماوات والأرض تبكيان على موت أهل الإيمان، لأنهم يعرفون وظائفهما، ويقدّرونهما حق قدرهما، ويصدّقون حقائقهما الحقة، ويفهمون بالإيمان ما تفيدان من معانٍ، حيث إنهم كلما تأملوا فيهما قالوا بإعجاب: «ما أجملَ خلقَهما! وما أحسن ما تؤديان من وظائف!». فيمنحونهما ما يستحقان من القيمة والاحترام، حيث يبثون حبهم لهما بحبهم لله، أي لأجل الله، باعتبارهما مرايا عاكسة لتجليات أسمائه الحسنى. ولهذا تهتز السماواتُ وتحزن الأرض، لموت أهل الإيمان وكأنهما تبكيان على زوالهم.

سؤال مهم

تقولون: إن المحبة ليست اختيارية، لا تقع تحت إرادتنا، فأنا بمقتضى حاجتي الفطرية أحب الأطعمة اللذيذة والفواكه الطيبة، وأحب والديّ وأولادي وزوجتي التي هي رفيقة حياتي، وأحب الأنبياء المكرمين والأولياء الصالحين، وأحب شبابي وحياتي وأحب الربيع وكل شيء جميل، وبعبارة أوجز أنا أحب الدنيا، ولِمَ لا أحب كل هذه؟.. ولكن كيف أستطيع أن أقدّم جميع هذه الأنواع من المحبة لله، وأجعل محبتي لأسمائه الحسنى ولصفاته الجليلة ولذاته المقدسة سبحانه؟ ماذا يعني هذا؟.

الجواب: عليك أن تستمع إلى النكات الأربع الآتية:

النكتة الأولى:

إنّ المحبة وإن لم تكن اختيارية، إلّا أنها يمكن أن يُحوَّل وجهُها بالإرادة من محبوب إلى آخر؛ كأن يظهرَ قبحُ المحبوب وحقيقتُه مثلا، أو يُعرَف أنه حجاب وستار لمحبوب حقيقي يستحق المحبة، أو مرآة عاكسة لجمال ذلك المحبوب الحقيقي، فعندها يمكن أن يُصرَف وجهُ المحبة من المحبوب المجازي إلى المحبوب الحقيقي.


Yükleniyor...