له الكمال المطلق والجمال المقدس والمنـزّه عن كل نقص وقصور وزوال وفناء.. فجمالُه لا حدود له وجميعُ أسمائه جميلة وحسنى.

نعم، إنّ في كل اسم من أسمائه أنوار حُسنٍ وجمال لا نهاية لها؛ فالجنة بجميع لطائفها وجمالها ونعيمها إنما هي تجلٍ لإظهار جمال رحمته ورحمة جماله، وجميع الحسن والجمال والمحاسن والكمالات المحبوبة والمحببة في الكون كله ما هي إلّا إشارة إلى جماله ودلالة على كماله سبحانه.

ويقول أيضا: أيها الإنسان! إن ينابيع المحبة المتفجرة في أعماقك والمتوجهة إلى الله سبحانه والمتعلقة بأسمائه الحسنى والمولّهة بصفاته الجليلة لا تجعلها مبتذلة بتشبثها بالموجودات الفانية، ولا تهدرها دون فائدة على المخلوقات الزائلة؛ ذلك لأن الآثار والمخلوقات فانيتان، بينما الأسماء الحسنى الباديةُ تجلياتُها وجمالُها على تلك الآثار وعلى تلك المصنوعات باقية دائمة.. ففي كل اسم من الأسماء الحسنى وفي كل صفة من الصفات المقدسة آلافٌ من مراتب الإحسان والجمال وآلاف من طبقات الكمال.

فانظر إلى اسم «الرحمن» فحسب لترى أن الجنة إحدى تجلياته، والسعادةَ الأبدية إحدى لمعاته، وجميعَ الأرزاق والنعم المبثوثة في أرجاء الدنيا كافة إحدى قطراته.

فأنعم النظر وتدبر في الآيات الكريمة التي تشير إلى هذه الموازنة بين ماهية أهل الضلالة وأهل الإيمان من حيث الحياة ومن حيث الوظيفة: ﹛﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْاِنْسَانَ ف۪ٓي اَحْسَنِ تَقْو۪يمٍۘ ❀ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ اَسْفَلَ سَافِل۪ينَۙ ❀ اِلَّا الَّذ۪ينَ اٰمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ اَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾|﹜ (التين:٤-٦) والآية الأخرى: ﹛﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَٓاءُ وَالْاَرْضُ ﴾|﹜ (الدخان:٢٩) هذه الآيات تشير إلى عقبى كل منهما. تأمل فيهما لتجد مدى سموهما وإعجازهما في بيان ما عقدناه من الموازنة والمقارنة.

أما الآيات الأولى فنحيل بيان حقيقة ما تتضمنه من إعجاز في إيجاز إلى الكلمة «الحادية عشرة» التي تبينها بيانا مفصلا. وأما الآية الثانية، فسنشير -إشارة فحسب- إلى مدى إفادتها عن حقيقة سامية وهي كالآتي:

إنها تخاطب قائلة: إن السماوات والأرض لا تبكيان على موت أهل الضلالة. وتدل بالمفهوم المخالف أن السماوات والأرض تبكيان على رحيل أهل الإيمان عن الدنيا. أي لما كان أهلُ الضلالة ينكرون وظائف السماوات والأرض ويتهمونهما بالعبثية ولا يدركون معانيَ

Yükleniyor...