ولأجل هذا السر قال قسم من الأولياء الذين نالوا شرف الحظوة باسم «الودود»: «لمعة من محبة الله تغنينا عن الجنة». ومن ذلك السر أيضا، ورد في الحديث الشريف ما معناه: إن رؤية جمال الله في الجنة تفوق جميع لذائذ الجنة. (12)

فكمالات المحبة ومزاياها هذه، إنما تحصل ضمن دائرة الواحدية والأحدية بأسمائه سبحانه وبمخلوقاته. بمعنى: أن ما يُتوهم من كمالات خارج تلك الدائرة ليست كمالات قطعا.

الرمز الخامس خمس نقاط:

النقطة الأولى: يقول داعية أهل الضلال: لقد لُعنَت الدنيا في أحاديثكم، (13) وذُكرت أنها جيفة، (14) ونرى أن أهل الولاية وأهل الحقيقة يحقرون الدنيا ويستهينون بها ويقولون: إنها فاسدة، قذرة. بينما تبينها أنت: أنها مبعثُ كمالٍ إلهي وحجة له، وتذكرها ذكرَ عاشقٍ لها.

الجواب: الدنيا لها ثلاثة وجوه:

الوجه الأول: ينظر إلى أسماء الله الحسنى ويبين آثار تلك الأسماء ونقوشها، وتؤدي الدنيا، بهذا الوجه، وظيفة مرآة لتلك الأسماء بالمعنى الحرفي، فهذا الوجه مكاتيب صمدانية لا تحد. لذا يستحق العشقَ لا النفور، لأنه في غاية الجمال.

الوجه الثاني: وجه ينظر إلى الآخرة، فهو مزرعة الآخرة، مزرعة الجنة، موضعُ إزهار أزاهير الرحمة الإلهية. وهذا الوجه جميل كالوجه الأول يستحق المحبةَ لا التحقير.

الوجه الثالث: وجه ينظر إلى أهواء الإنسان، ويكون ستارَ الغافلين، وموضع لعب أهل الدنيا وأهوائهم. وهذا الوجه قبيح دميم، لأنه فانٍ، زائل، مؤلم، خداع.

فالتحقير الوارد في الحديث الشريف، والنفور الذي لدى أهل الحقيقة هو من هذا الوجه. أما ذكرُ القرآن الكريم للموجودات بأهمية بالغة وإعجاب وإطراء فهو متوجه إلى

Yükleniyor...