عقرب يعدّ الساعات، وآخرُ يعدّ الدقائق في دائرة أوسع من الأولى ستين مرة، وعقرب آخر يعدّ الثواني في دائرة أوسع من هذه ستين مرة، وآخر يعدّ الثوالث في دائرة أوسع من هذه ستين مرة.. وهكذا عقاربُ الروابع والخوامس والسوادس والسوابع والثوامن والتواسع والعواشر. أي تكون للساعة عقارب عجيبة كلّ منها يدور في دائرة أوسع من التي قبلها بستين ضعفا. فلو كانت دائرةُ العقرب العادّ للساعات بقدر ساعتنا اليدوية الصغيرة، فيلزم أن تكونَ دائرةُ العقرب العادّ للعواشر بمقدار المدار السنوي للأرض أو أكبر منه.

والآن لنفترض أن هناك شخصين: أحدهما: كأنه قد ركب عقرب الساعات فيراقب ويطّلع على ما حوله. والآخر: كأنه قد ركب عقرب العواشر ويشاهد ما حوله. فالفرق بين ما يشاهده الشخصان من أشياء في زمان واحد، هو نسبة الفرق بين ساعتنا اليدوية ومدار الأرض السنوي، أي إن الفرق هائل جدا، وهكذا فلأن الزمان عبارة عن لونٍ من ألوان الحركة وصبغتِها أو شريطٍ لها، فالحُكم الجاري في الحركات جارٍ أيضا في الزمان؛ إذ بينا نشاهد في ساعة واحدة بقدر ما يشاهده الراكبُ ذو الشعور على عقرب الساعات، وحقيقةُ عمره هي بالقدر نفسه، فإن الرسول الأعظم ﷺ في الزمان نفسه -كالراكب على عقرب العواشر- في تلك الساعة المعينة يركب براق التوفيق الإلهي ويقطع جميعَ دوائر الممكنات كالبرق ويرى آيات الـمُلك والملكوت ويرتقي إلى نقطة دائرة الوجوب، ويتشرف باللقاء والكلام، ويحظى برؤية الجمال الإلهي ويتلقى العهد والأمر الإلهي لأداء وظيفة ثم يعود. وقد عاد فعلا.. وهو كذلك.

ويرد على البال أيضا: أنكم تقولون: نعم، يجوز، ولربما يمكن أن يحدث! ولكن لا يقع فعلا كل ما هو محتمل الوقوع وممكن، إذ كيف يصح أن يُحكَم على شيء ليس له مثيل، بمجرد احتمال وقوعه؟

ونحن نقول: إن أمثال المعراج كثيرة لا تحصى. فكل ذي نظر مثلا يرقى بنظره من الأرض إلى كوكب «نبتون» في ثانية واحدة.. وكلُّ ذي علم يذهب بعقله راكبا قوانين الفلك إلى ما وراء النجوم والكواكب في دقيقة واحدة.. وكل ذي إيمان يُركب فكرَه على أفعال الصلاة وأركانها مودعا الكائنات وراء ظهره فيذهب إلى الحضور الإلهي بما يشبه المعراج.. وكل ذي

Yükleniyor...