قال له صاحبه: دع عنك هذا الكلام. فأنا لا أصدّق أن واحدا أحدا يدير هذا العالم الغريب!
فأجابه: مهلا يا صاحبي! هلّا أعَرتني سمعَك! فنحن لو أهملنا معرفته فلا نكسب شيئا قط، وإن كان في إهمالنا ضرر فضررُه جدّ بليغ. بينما إذا سعَينا إلى معرفته فليس في سعينا هذا مشقة ولا نلقى من ورائه خسارةً، بل منافعَ جليلة وعظيمة. فلا يليق بنا إذن أن نبقى مُعرِضين هكذا عن معرفته.
ولكن صاحبه الغافل قال: أنا لست معك في كلامك هذا. فأنا أجد راحتي ونشوَتي في عدم صرف الفكر إلى مثل هذه الأمور، وفي عدم معرفة ما تدّعيه عن هذا الصانع البديع. فلا أرى داعيا أن أجهد نفسي فيما لا يسعُه عقلي. بل أرى هذه الأفعال جميعها ليست إلّا مصادفات وأمورا متداخلة متشابكة تجري وتعمل بنفسها؟ فما لي وهذه الأمور؟..
فردّ عليه العاقل: أخشى أن يُلقي بنا عنادُك هذا وبالآخرين إلى مصائب وبلايا. ألَم تُهدَم مدن عامرة من جراء سفاهة شقيّ وأفعالِ فاسق؟
ومرة أخرى انبرى له الغافل قائلا:لنحسم الموضوعَ نهائيا فإمّا أن تثبت لي إثباتا قاطعا لا يقبل الشك بأن لهذه المملكة الضخمة مالكا واحدا وصانعا واحدا أحدا، أو تَدَعني وشأني.
أجابه صديقه: ما دمتَ يا صاحبي تصرّ على عنادك إلى حد الجنون والهذيان مما يسوقنا والمملكةَ بكاملها إلى الدمار! فسأضع بين يديك اثني عشرَ برهانا أثبتُ بها أنّ لهذا العالم
Yükleniyor...