ولقد حرصت كل الحرص في الترجمة أن أكون أمينا ما استطعت، محافظا على المعنى الذي يقصده الأستاذ المؤلف، مما تطلب مني طول النظر في الرسائل كلها والتأمل في عباراتها والإمعان في معانيها. لذا تحاشيت التقيد بحرفية النص، لاعتقادي بعدم إيفائه الغرض، إذ لا يوحي المعنى الذي يريده المؤلف إلى روح القارئ، ولا يخفى مدى الصعوبة البالغة في نقل المعنى من لغة إلى أخرى ولاسيما المعاني الواسعة العميقة التي يحصرها الأستاذ النورسي في عبارات دقيقة وجمل موجزة، ولكن بفضل الله العميم وبعنايته الشاملة ذُللت تلك الصعوبات، إذ هيأ سبحانه وتعالى للأمر أساتذة كرماء ممن درسوا ودرّسوا قواعد اللغة العربية وآدابها، وعلماء أفاضل ممن لهم الباع الطويل في التفسير والحديث والعلوم الإسلامية، وإخوة صادقين تولوا مهمة التبييض والتنقيح ومقابلة النصوص. بل كنت أستنصح كلَّ قارئ وأستشير كلَّ من له خبرة في هذا الموضوع ليدلّني على الصواب. مما أضفى على الترجمة جمالا في العبارة ودقّة في التعبير وبعدا عن الأخطاء ما أمكن وتطابقا في المعنى، حتى سلمت -في نظري- من عورات الركاكة وعيوب العجمة. والحمد لله أولا وآخرا، وهذا من فضل ربي الذي أسبغ عليّ نعمه ظاهرة وباطنة رحمةً منه تعالى لضعفي ورأفة بعجزي فأمدّني بأولئك الميامين من ذوي الأقلام القوية والفكر الخصب والرأي السديد، الذين آزروني وشدّوا من عزيمتي على الاستمرار في العمل بغير كلل، حتى ظهرت المترجمات إلى ساحة النشر ببركة إخلاصهم وصدق نواياهم. ولولا علمي بأن هؤلاء الإخوة البررة لا يحبذون ذكر أسمائهم، لما ترددت في ذكرهم فردا فردا. ولئن لم أذكرهم بأسمائهم فهم مذكورون لدى العلي القدير بما قدّموا من عملٍ جليلٍ خالص زكي في سبيل نشر الإيمان ورفع راية القرآن.

فإلى كل أولئك الإخوة الأكارم، وإلى الأخوات الفاضلات، وإلى كل من أعانني في أيّ شأن من شؤون الترجمة، تصحيحا وتهذيبا وتشذيبا وتبييضا ودعاءً وحثا، أقدم عظيم شكري ومزيد امتناني راجيا المولى القدير أن يجزل ثواب عملهم الخالص ويرزقهم وإياي حبّه وحب من يحبّه والعمل الذي يبلغنا حبَّه.

وأملي في الله عظيم أن يكون القارئ العزيز أيضا كريما يصفح عن الزلات، ويغض الطرف عن الهفوات، ويدعو لنا بظهر الغيب خالص الدعوات ويرشدنا إلى ما فيه الخير والسداد.

Yükleniyor...