فردّت عليه الشمسُ ردا قويا باسم الحق والحقيقة وبلسان العبودية قائلة: «إنما أنا أكون مملوكةً لمن خلق نجوما عالية من أمثالي، وأسكنَها في سمائه بكمال حكمة، وأدارها بكمال هيبة، وزيّنها بكمال زينة».

ثم إن ذلك المدَّعي بدأ يحدّث نفسَه: «إن النجوم مختلطة مزدحمة، وهي مشتَّتة متباعدة بعضُها عن بعض، فلعلّي أجد منها موضعا باسم موكلي فأظفر منها بشيء.. فيدخل بين النجوم».

فقال لها كما يقول الصابئة عُبّاد النجوم باسم الأسباب وفي سبيل شركائه وبلسان الفلسفة الطاغية: «أيتها النجوم! إنّ حُكاما كثيرين يتحكمون فيكم لشدة تشتتكم وتبعثركم».

فأجابته نجمة واحدة نيابة عن النجوم: ما أشدَّ بلاهتَك أيها المدَّعي الأحمق. ألا ترى علامةَ التوحيد وطغراء الأحدية على وجوهنا، ألا تفهمها؟. ألا تعلم أنظمتنا الراقية وقوانينَ عبوديتنا الصارمة؟ أتظننا بلا نظام؟

فنحن مخلوقون عبيدا لواحدٍ أحدٍ يمسك في قبضته أمورَنا وأمور السماوات التي هي بحرُنا، والكائناتِ التي هي شجرتُنا، وفضاءَ العالم الواسع الذي هو مسيرُنا. فنحن شواهدُ نورانية كالمصابيح المنيرة أيام المهرجانات نبيّن كمال ربوبيته سبحانه، ونحن براهينُ ساطعة نعلن عن سلطنة ربوبيته، فكل طائفة منا خَدَمَة عاملون نورانيون ندلّ على عظمة سلطنته، في منازل علوية سفلية دنيوية برزخية أخروية.

نعم، إننا معجزة باهرة من معجزات قدرة الواحد الأحد.. وثمرة يانعة لشجرة الخلقة.. وبرهان منور للوحدانية.. فنحن للملائكة منـزل وطائرة ومسجد.. وللعوالِم العلوية مصباح وشمس.. وعلى سلطنة الربوبية شاهد.. ولفضاء العالم وقصرِه زينة وزهرة.. وكأننا أسماك نورانية تسبح في بحر السماء.. وعين جميلة لوجه السماء. (8) فكما أن كلا منّا هكذا فإن في مجموعنا سكوتا في سكون.. وحركةً في حكمة.. وزينةً في هيبة.. واستواءَ خلقةٍ في انتظام.. وإتقانَ صنعةٍ في موزونية. لهــذا نشهد بألسنةٍ غير محدودة على وحدانية صانعنا


Yükleniyor...