والثمرات اللذيذة من تمر ونحوه وأجعله رزقا لعبادي؟ أوَلا يرون أنني أحيي الأرض الميتة، بذلك الماء. وآتي ألوفا من الحشر الدنيوي. فكما أخرج بقدرتي هذه النباتات من هذه الأرض الميتة، كذلك خروجكم يوم الحشر؛ إذ تموت الأرض في القيامة وتُبعثون أنتم أحياء. فأين ما أظهرته الآيةُ في إثبات الحشر من جزالة البيان -التي ما أشرنا إلّا إلى واحدة من الألف منها- وأين الكلمات التي يسردها الناس لدعوى من الدعاوى؟.

لقد انتهجنا من أول هذه الرسالة إلى هنا نهجَ المحايد الموضوعي في تحقيق قضية الإعجاز، وقد أبقينا كثيرا من حقوق القرآن مطوية مخفية مستورة، فكنا نعقد موازنة نُنـزل تلك الشمس منـزلةَ الشموع، وذلك كله لكي نُخضع خصما عاتيا لقبول إعجاز القرآن.

والآن وقد وفَّى التحقيقُ العلمي مهمته، وأُثبت إعجاز القرآن إثباتا ساطعا. فنشير ببعض القول باسم الحقيقة لا باسم التحقيق العلمي، إلى مقام القرآن، ذلك المقام العظيم الذي لا تسعه موازنة ولا ميزان.

نعم، إنّ نسبة سائر الكلام إلى آيات القرآن، كنسبة صور النجوم المتناهية في الصغر التي تتراءى في المرايا، إلى النجوم نفسها.

نعم، أين كلماتُ القرآن التي كل منها تصوّر الحقائق الثابتة وتبيّنها، وأين المعاني التي يرسمها البشر بكلماته على مرايا صغيرة لفكره ومشاعره؟ أين الكلمات الحية حياةَ الملائكة الأطهار.. كلمات القرآن الذي يفيض بأنوار الهداية وهو كلامُ خالق الشمس والقمر.. وأين كلمات البشر اللاذعة الخادعة بدقائقها الساحرة بنفثاتها التي تثير أهواء النفس.

نعم، كم هي النسبة بين الحشرات السامة والملائكة الأطهار والروحانيين المنوّرين؟ إنها هي النسبة نفسها بين كلمات البشر وكلمات القرآن الكريم. وقد أثبتتْ هذه الحقيقة مع «الكلمة الخامسة والعشرين» جميعُ الكلمات الأربع والعشرين السابقة. فدعوانا هذه ليست إدعاء وإنما هي نتيجة لبرهان سبَقها.

نعم، أين ألفاظ القرآن التي كل منها صدفُ درر الهداية ومنبعُ حقائق الإيمان، ومعدن أسس الإسلام، والتي تتنـزل من عرش الرحمن وتتوجه من فوق الكون ومن خارجه إلى


Yükleniyor...