واعلم أن لكل شيء صورتين:
أما إحداهما: فمادية محسوسة كقميصة قُدّتْ على مقدار قامة الشيء بتقدير القَدَر بغاية الانتظام.
وأما الأُخرى: فمعقولة مركبة من أشتاتِ صُوَر الشيء في حركته في بحر الزمان، أو مرور نهر الزمان عليه، كصورة الدائرة النورانية المخيَّلة الحاصلة من جولان الشعلة، فهذه الصورة المعنوية للشيء هي تاريخ حياة الشيء، وهي مدارُ القَدَر المشهور، وهي المسماة ب«مُقدَّرات الأشياء». فكما أن الشيء -كالشجرة مثلا- في الصورة المادية، له نهايات منتظمة مثمرة، وله غايات موزونة متضمنة لمصالح حِكَمية، كذلك له في صورته المعنوية أيضا نهايات منتظمة متضمنة لمصالح، وله حدود معينة تعينت لحِكَم خفية. فكأن القُدرة في الصورة الأولى كالباني، والقَدَر كالهندسة، وفي الثانية كالمصدر، والقَدَر كالمِسطَر. (2)فتَكتب القدرةُ كتابَ المعاني على رسوم مِسطَر القدر.
فيا أيها الكافر! تضطر في كفرانك وكفرك -عند المراجعة إلى العلم والحقيقة- أن تقبل في كل ذرةٍ وقوّتِها الجزئية الصغيرة معرفةَ صنعةِ خياطةٍ بدرجةٍ تقتدر تلك الذرةُ -وطبيعة السببية- على أن تقُدّ وتخيط ألبسةً وأقمصة مختلفة متنوعة بعدد أشتات الأشياء التي يمكن أن تذهب إليها الذرة، مع اقتدارها على تجديد الصور المتخرقة بأشواك الحادثات في مرور الزمان، مع أن الإنسان -الذي هو ثمرةُ شجرة الخلقة وأقدر الأسباب -بزعمه- وأوسعُها اختيارا- لو جَمع كلَّ قابليةِ صنعةِ خياطته ثم أراد أن يخيط قميصا لشجرة ذاتِ أشواك على مقدار أعضائها، ما اقتدر. مع أن صانعَها الحكيم يُلبسها في وقتِ نَمائها أقمصةً متجددة منتظمة طرية لا تشففها الشمس، وحُللا خَضِرة متزينة موزونة، بكمال السهولة والسرعة بلا كُلفة ولا معالجة. فسبحان مَن: ﹛﴿ اِنَّمَٓا اَمْرُهُٓ اِذَٓا اَرَادَ شَئًْا اَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ❀ فَسُبْحَانَ الَّذ۪ي بِيَدِه۪ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَاِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾|﹜ (يس:٨٢-٨٣).
اعلم أن للأحد الصمد على كل شيء سِكّةً وخاتما وآيةً، بل آياتٍ تشهد بأنه له وملكُه وصُنعه. فإن شئت فانظر -مما لا يحد ولا يعد من سكاتِ أحديتِه وخواتمِ صمديتِه- إلى هذه
أما إحداهما: فمادية محسوسة كقميصة قُدّتْ على مقدار قامة الشيء بتقدير القَدَر بغاية الانتظام.
وأما الأُخرى: فمعقولة مركبة من أشتاتِ صُوَر الشيء في حركته في بحر الزمان، أو مرور نهر الزمان عليه، كصورة الدائرة النورانية المخيَّلة الحاصلة من جولان الشعلة، فهذه الصورة المعنوية للشيء هي تاريخ حياة الشيء، وهي مدارُ القَدَر المشهور، وهي المسماة ب«مُقدَّرات الأشياء». فكما أن الشيء -كالشجرة مثلا- في الصورة المادية، له نهايات منتظمة مثمرة، وله غايات موزونة متضمنة لمصالح حِكَمية، كذلك له في صورته المعنوية أيضا نهايات منتظمة متضمنة لمصالح، وله حدود معينة تعينت لحِكَم خفية. فكأن القُدرة في الصورة الأولى كالباني، والقَدَر كالهندسة، وفي الثانية كالمصدر، والقَدَر كالمِسطَر. (2)فتَكتب القدرةُ كتابَ المعاني على رسوم مِسطَر القدر.
فيا أيها الكافر! تضطر في كفرانك وكفرك -عند المراجعة إلى العلم والحقيقة- أن تقبل في كل ذرةٍ وقوّتِها الجزئية الصغيرة معرفةَ صنعةِ خياطةٍ بدرجةٍ تقتدر تلك الذرةُ -وطبيعة السببية- على أن تقُدّ وتخيط ألبسةً وأقمصة مختلفة متنوعة بعدد أشتات الأشياء التي يمكن أن تذهب إليها الذرة، مع اقتدارها على تجديد الصور المتخرقة بأشواك الحادثات في مرور الزمان، مع أن الإنسان -الذي هو ثمرةُ شجرة الخلقة وأقدر الأسباب -بزعمه- وأوسعُها اختيارا- لو جَمع كلَّ قابليةِ صنعةِ خياطته ثم أراد أن يخيط قميصا لشجرة ذاتِ أشواك على مقدار أعضائها، ما اقتدر. مع أن صانعَها الحكيم يُلبسها في وقتِ نَمائها أقمصةً متجددة منتظمة طرية لا تشففها الشمس، وحُللا خَضِرة متزينة موزونة، بكمال السهولة والسرعة بلا كُلفة ولا معالجة. فسبحان مَن: ﹛﴿ اِنَّمَٓا اَمْرُهُٓ اِذَٓا اَرَادَ شَئًْا اَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ❀ فَسُبْحَانَ الَّذ۪ي بِيَدِه۪ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَاِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾|﹜ (يس:٨٢-٨٣).
اعلم أن للأحد الصمد على كل شيء سِكّةً وخاتما وآيةً، بل آياتٍ تشهد بأنه له وملكُه وصُنعه. فإن شئت فانظر -مما لا يحد ولا يعد من سكاتِ أحديتِه وخواتمِ صمديتِه- إلى هذه
Yükleniyor...