بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّح۪يمِ

الحمد لله الذي شهدتْ على وجوب وجوده ووحدته ذراتُ الكائنات ومركباتُها بلسان عجْزها وفقرها. والصلاة والسلام على نبيّه الذي هو كشاف طلسمِ الكائنات ومفتاحُ آياتها، وعلى آله وصحبه وعلى إخوانه من النبيين والمرسَلين وعلى الملائكة المقربين، وعلى عباد الله الصالحين من أهل السماوات والأرضين.

اعلم يا من سَدَّت عليه الطبيعةُ والأسباب بابَ الشكر، وفتحتْ له باب الشرك! إنَّ الشرك والكفر والكُفرانَ تأسست على محالاتٍ غير محدودة، فانظر من تلك المحالات إلى هذا المحال الواحد:

وهو أن الكافر إذا ترك سُكْر الجهالة ونظر إلى كفره بعين العلم، يَضطر -للإذعان بكفره- أن يحمل على ظهر ذرةٍ واحدةٍ ألفَ قنطار، وأن يقبل في كل ذرةٍ ذرّةٍ ملايينَ مطبعاتٍ للطبيعة، واطلاعا -مع مهارة- على جميع دقائقِ الصنعة في جميع المصنوعات؛ إذ كلُّ ذرة من الهواء -مثلا- تصلُح أن تمرّ على كل نباتٍ وزهرة وشجرة وثمرة، وأن تعمل في بنيتها، فلابد لهذه الذرة والقوة البسيطة المستترة فيها -إن لم تكن مأمورةً، تعمل باسم مَن بيده ملكوت كل شيء- أن تعرف كيفيةَ جهازاتِ كلِ ما دخلت الذرةُ في بنيتها وكيفيةَ صنعته وتشكيله، مع أن الثمرة -مثلا- متضمنةٌ لمثال مصغر للشجر، وأن نواتها كصحيفةِ أعمال الشجر، وفيها تاريخُ حياتِه. فالثمرة تنظر إلى كل الشجرة بل إلى نوعها بل إلى الأرض أيضا. ومن هذه الحيثية فالثمرة -بعظمة صنعتها ومعناها- في جسامة صنعة الأرض بوجه، فمَن بناها بهذه العظمة المعنوية الصنعوية، لابد أن لا يعجزَ عن حمل الأرض وبنائها.

فيا عجبا للكافر المنكِر كيف يدّعي العقل والذكاوة مع أنه يتبطن -بكفره- في قلبه مثلَ هذا الحمق والبلاهة!

Yükleniyor...