متباعدة مع سهولة البيان وجزالة النظام ووضوح الإفهام، كأن المخاطبَ واحد، بحيث يظن كل صنف أنه المخاطب بالأصالة. ونزل مُهديا وموصلا لغايات إرشادية متدرجة متفاوتة مع كمال الاستقامة والموازنة والنظام كأن المقصد واحد. فمن كانت له عين سليمة في بصيرته، فلا ريب أنه يرى في القرآن عينا ترى كل الكائنات ظاهرا وباطنا كصحيفة مبصَرةٍ واضحةٍ يقلّبها كيف يشاء، فيعرِّف معانيها على ما يشاء.
القطرة السادسة
في بيان أنه لا يقاس القرآن على سائر الكلام، كما ذكرت في رسالة «قطرة».
اعلم أن منابع علوِّ طبقةِ الكلام وقوّته وحسنه وجماله أربعة: المتكلم، والمخاطب، والمقصد، والمقام، لا المقام فقط كما ضلَّ فيه الأدباء. فانظر إلى مَن قال؟ ولمن قال؟ ولم قال؟ وفيمَ قال؟ فالكلام إن كان أمرا ونهيا فقد يتضمن الإرادة والقدرة بحسب درجة المتكلم، فتتضاعف عُلويته وقوته.
نعم، أين صورةُ أمرِ فضوليٍ ناشئٍ أمرُه من أماني التمني وهو غير مسموع، وأين الأمر الحقيقي النافذ المتضمن للقدرة والإرادة؟ فانظر، أين ﹛﴿ يَٓا اَرْضُ ابْلَع۪ي مَٓاءَكِ وَيَا سَمَٓاءُ اَقْلِع۪ي ﴾|﹜ (هود:٤٤). ﹛﴿ فَقَالَ لَهَا وَلِلْاَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا اَوْ كَرْهًاۜ قَالَتَٓا اَتَيْنَا طَٓائِع۪ينَ ﴾|﹜ (فصلت:١١)، وأين خطاب البشر للجمادات بصورة هذيانات المبرسَمين (18)في المرض: «اسكني يا أرض وانشقي يا سماء وقُومي أيها القيامة»؟. وكذا، أين أمرُ أميرٍ مطاع لجيش عظيم مطيع ب«آرْش!» (19)واهجُموا على أعداء الله، وأين هذا الأمر إذا صدر من حقير لا يُبالَى به وبأمره؟ أين ﹛﴿ اِذَٓا اَرَادَ شَئًْا اَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾|﹜ (يس:٨٢)، وأين كلام البشر؟ وكذا أين تصويرُ مالكٍ حقيقي، وآمِرٍ مؤثرٍ أمرُه، ونافذٍ حكمُه، وبيانُ صانعٍ وهو يصنع، ومنعمٍ وهو يحسن قد شرع في آن الصنعة والإحسان يصوّر أفاعيله؛ يقول: فعلتُ كذا وكذا، وأفعلُ هذا وذاك. انظر إلى ﹛﴿ اَفَلَمْ يَنْظُرُٓوا اِلَى السَّمَٓاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ❀ وَالْاَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَاَلْقَيْنَا ف۪يهَا رَوَاسِيَ وَاَنْبَتْنَا ف۪يهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَه۪يجٍ ❀ تَبْصِرَةً وَذِكْرٰى لِكُلِّ عَبْدٍ مُن۪يبٍ ❀|﹜
القطرة السادسة
في بيان أنه لا يقاس القرآن على سائر الكلام، كما ذكرت في رسالة «قطرة».
اعلم أن منابع علوِّ طبقةِ الكلام وقوّته وحسنه وجماله أربعة: المتكلم، والمخاطب، والمقصد، والمقام، لا المقام فقط كما ضلَّ فيه الأدباء. فانظر إلى مَن قال؟ ولمن قال؟ ولم قال؟ وفيمَ قال؟ فالكلام إن كان أمرا ونهيا فقد يتضمن الإرادة والقدرة بحسب درجة المتكلم، فتتضاعف عُلويته وقوته.
نعم، أين صورةُ أمرِ فضوليٍ ناشئٍ أمرُه من أماني التمني وهو غير مسموع، وأين الأمر الحقيقي النافذ المتضمن للقدرة والإرادة؟ فانظر، أين ﹛﴿ يَٓا اَرْضُ ابْلَع۪ي مَٓاءَكِ وَيَا سَمَٓاءُ اَقْلِع۪ي ﴾|﹜ (هود:٤٤). ﹛﴿ فَقَالَ لَهَا وَلِلْاَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا اَوْ كَرْهًاۜ قَالَتَٓا اَتَيْنَا طَٓائِع۪ينَ ﴾|﹜ (فصلت:١١)، وأين خطاب البشر للجمادات بصورة هذيانات المبرسَمين (18)في المرض: «اسكني يا أرض وانشقي يا سماء وقُومي أيها القيامة»؟. وكذا، أين أمرُ أميرٍ مطاع لجيش عظيم مطيع ب«آرْش!» (19)واهجُموا على أعداء الله، وأين هذا الأمر إذا صدر من حقير لا يُبالَى به وبأمره؟ أين ﹛﴿ اِذَٓا اَرَادَ شَئًْا اَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾|﹜ (يس:٨٢)، وأين كلام البشر؟ وكذا أين تصويرُ مالكٍ حقيقي، وآمِرٍ مؤثرٍ أمرُه، ونافذٍ حكمُه، وبيانُ صانعٍ وهو يصنع، ومنعمٍ وهو يحسن قد شرع في آن الصنعة والإحسان يصوّر أفاعيله؛ يقول: فعلتُ كذا وكذا، وأفعلُ هذا وذاك. انظر إلى ﹛﴿ اَفَلَمْ يَنْظُرُٓوا اِلَى السَّمَٓاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ ❀ وَالْاَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَاَلْقَيْنَا ف۪يهَا رَوَاسِيَ وَاَنْبَتْنَا ف۪يهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَه۪يجٍ ❀ تَبْصِرَةً وَذِكْرٰى لِكُلِّ عَبْدٍ مُن۪يبٍ ❀|﹜
Yükleniyor...