في سرعة مطلقة، بإبرازِ خوارقَ منتظمةٍ، في سهولة مطلقة، في وُسعة مطلقة، فما هذه الفعالية إلّا خاتمُ مَن «كما أنه ليس في مكانٍ، هو في كل مكان، حاضرٌ ناظر بقدرته وعلمه لا يؤوده شيء ولا يستعين بشيء».

اللمعة السابعة

انظر! كما يُشَاهَدُ على صحيفة الأرض، ويُتراءى على أقطار السماوات والأرض خاتمُ الأحد الصمد، كذلك يشاهَدُ على «مجموع العالم» خاتم التوحيد واضح النقش بدرجة كُبره؛ إذ هذا العالم كالقصر المحتشم، ك«الفَابْرِيقَة» (23)المنتظمة، كالبلد المكمّل، فيما بين أجزائه -كأجزائها وأفرادها- معاوَنةٌ حكيمة ومجاوبة كريمة؛ إذ يُسرع بعض الأجزاء لمعاونة بعض، في الطرق الطويلة المعوَجّة بلا انحراف وبانتظام، وفي وقت الحاجة، ومن حيث لا يحتسب. فانظر تَرها قد مدَّ بعضٌ يَدَ المعاونة لحاجة بعض، وفي هذا التعاون تجاوبٌ ب: «لبيك، لبيك!» بألسنة الأحوال لأسئلة الأغيار والأمثال.. قد أخذ بعضٌ يَدَ بعضٍ، فيسعَون ويعملون بالانتظام يدا في يد، ويَخدمون ذوي الحياة رأسا مع رأس، ويتوجهون إلى غاية، ويطيعون مدبّرا واحدا كتفا بكتف.

فانظر إلى دستور «التعاون» كيف يجري من الشمس والقمر ومن الليل والنهار ومن الصيف والشتاء، إلى سعى النباتات لإمداد الحيوانات بحمل أرزاقها وأخذِها من خزينة الرحمة.. ثم إمداد الحيوانات للبشر للخدمة، حتى النحلُ والدود يأخذان العسلَ والحرير من خزينة الرحمن، ويوصلانهما إلى الإنسان.. ثم إمداد الذّرات الغذائية للثمرات، مع تخالف أغذيتها، وإمداد المواد الطعامية لتغذيةِ حُجَيْرات البدن بكمال الانتظام والعناية والحكمة!

فمظهرية هذه الأشياء لاسيّما الجامدة لهذا التعاون الحكيم المنتظَم الكريم المكمَّل دليلٌ واضح وبرهان ساطع على أنها خدّامُ مربٍّ حكيم وعَمَلة مدبرٍ كريمٍ يتحركون بأمره وإذنه وقوته وحكمته.

Yükleniyor...