فإحياء تلك الأنواع الكثيرة المختلطة المشتبكة في نهاية الاختلاط والاشتباك بنهاية الامتياز، وإعادتُها في كمال التمييز، بلا خطأ ولا خلط، بلا غلط ولا سقط، خاتمٌ خاص بمَن له قدرة بلانهاية وعلم محيط.

وكذا كتابةُ ثلاثمائة ألف كتاب مختلفة بل أزيدَ في صحيفة سطح الأرض؛ مختلطةً لكن في نهاية الانتظام بلا سهو ولا مزج، ومشتبكةً لكن في نهاية الانتظام بلا نقص ولا بخس، وممتزجةً لكن في نهاية التمييز والتشخيص بلا قصور ولا فطور.. سكةٌ خاصة بمن بيده ملكوت كل شيءٍ، وبيده مقاليد كل شيء، ولا يُشغله شيءٌ عن شيءٍ.

فيا مَن يَستبعد الحشرَ مستنكرا له! انظر كيف ترى في كيفية إحياء الأرض مائة ألف أمثلته وإشاراته في ستة أسابيع! فمَثَلُك في استبعادك الإنكاري، كمَثَل: مَن يرى ذاتا ذا معجزات يكتب في آن واحد في صحيفة واحدة كتبا كثيرة مندرِسةً بقيت (21)في حافظته، أو يؤلفها جديدةً أمثال المندرسة، فقيل له: سيَكتب هذا الكاتبُ كتابك الذي هو ألّفه فمَحاه الماءُ، في صحيفة في طرفة عين. فقال: كلّا، كيف يمكن كتابة كل ما اندرس من حروفاته في آن واحد؟! فقاس الكاتبَ الحفيظَ القديرَ ذا الإعجاز على نفسه الجاهلة العاجزة.

ومَنْ يقول لمن يرفع الجبال -بالإشارة- لإظهار عظمته أو سلطنته: هو لا يرفع هذه الصخرة العظيمة التي سَدّت الطريق على المسافرين الذين دعاهم إلى بستان نِعَمِهِ.. ما هو إلّا مجنون أبله.

نعم، للربوبية في هذا التصرف العظيم الربيعيّ خاتمٌ عالٍ عظيم دقيق النقش، هو الإتقان المطلق في الانتظام المطلق، في الجود المطلق في الوُسعة (22)المطلقة، في السرعة المطلقة في السهولة المطلقة، في الامتياز المطلق مع الاشتباك المطلق. فهذا الخاتم يختص بمن لا يمنعه فعلٌ عن فعل، ولا يغيب عنه شيءٌ، ولا يثقل عليه شيء.

نعم، نشاهد في الربيع في وجه الأرض فعالية حكيمة بصيرة كريمة، وصنعة خارقة في آن واحد، في كل مكان، بطرزٍ واحد، في كل فرد، وبإتقان ممتاز، في جُود مطلق، بانتظام مكمّل،


Yükleniyor...