وردّ على مَنْ يؤمن بالله ولكنه يتردد ويتلجلج في إيمانه بالملائكة والكتب والرسل والقدر، واليوم الآخر، والنشر والحشر، والجنة والنار.. إلى آخر تلك التصورات السقيمة المجانبة للحق، والمجافية لما أثبته القرآن وجاءت به السنة المطهرة.

إنَّ الآية القرآنية: ﹛﴿ لَيْسَ كَمِثْلِه۪ شَيْءٌ وَهُوَ السَّم۪يعُ الْبَص۪يرُ ﴾|﹜ (الشورى:١١) قد أوفَتْ وكفت وردّت على تصورات العقول البشرية -بقصورها ومحدوديتها- لله سبحانه وتعالى، وأزرت بقياساتها الفاسدة ابتداءً من تصورات أدنى الوثنيين عقولا، ومرورا بأكبر عقل من عقول فلاسفة الإغريق، وانتهاءً بآخر ما وصل إليه العقل الرياضي والعلمي الحديث.. والآية -بحد ذاتها- إشارة إلى أن المسألة أجلّ وأعظم من أن تترك للأمزجة والخيالات والعقول القاصرة لكي تخوض فيها وترى فيها رأيها من غير هديٍ يهديها من الله الذي هو أعلم بنفسه، وأعلم بخلقه، وقدرات عقولهم عن الفهم عنه، وإدراك ما هو في مكنتهم من معاني أسمائه وصفاته.

∗ ∗ ∗


والنورسي يرى في «الأسماء والصفات» حلا للغز العالم، وجوابا على أسئلة كثيرة ربما كان أهمها وأعظمها على الإطلاق هو السؤال الذي حار فيه أكبر العقول من فلاسفة هذا العصر وفلاسفة كل العصور السابقة، وهو: لماذا مُنِحْنَا منحة الخلق..؟ وأُعطينا فرصة الوجود..؟ وهذا العالم ما حكمة وجوده..؟ وما مغزى انبعاثه عن العدم..؟ إلى آخر هذه الأسئلة التي ما زالت مثار اهتمام العقول الحائرة من بني البشر.

والنورسي في خواطره عن صفات الله الجمالية يلتقي الحل، ويقع على الإجابات المقنعة، فهو يرى أن الرسام حين يرسم أجمل لوحاته -ولا مشاحة في المثال- إنما يعبر عن فيض الجمال الذي يغمر نفسه، وهو يفعل ذلك ليرى جمال نفسه في لوحاته وليُرِيَ هذا الجمال للآخرين ممّنْ يملكون القدرة على تذوقه وفهمه والتأثر به.. فكم يكون موقفنا سخيفا وغير منطقي لو توجهنا بالسؤال لهذا الفنان قائلين: ماذا تفعل..؟ وما الذي يحملك على مسك فرشاتك لترسم هذه اللوحة..؟ وما سرّ ذلك؟ وما حكمته؟ أليس التوجه بمثل هذا السؤال عبثا لا معنى له؟ ألا يدل على قصور عقولنا؟ وسذاجة أفهامنا؟

فكذلك - ﹛﴿ وَلِلّٰهِ الْمَثَلُ الْاَعْلٰى ﴾|﹜ - فإن الصفات الجمالية والكمالية وصفات القدرة

Yükleniyor...