∑المدخل>
§الأستاذ أديب إبراهيم الدباغ>
لا جدال في أنّ «النفس البشرية» طاقة عظمى من طاقات البناء والإعمار، ومصدر خصب من مصادر الحق والعدل والخير والجمال في هذا العالم إذا ما زكت وصفت وغدت موصولة الأسباب بفاطرها وموجِدها، لأن صلتها بالله، واستمساكها بأسباب أنواره، يجعلها موضع نظره، ومَنْ كَان موضعَ نظر الله تعالى أُفيضَ عليه من صفات جماله وكماله ما يستطيع بها أن يمحق ظلام الدنيا وشرورها.. وهي (أي النفس) قوة تدميرية عمياء، وطاقةُ هَدْم مرعبة، إذا ما نجمت فيها جرثومة التمرد والنزق والجموح، وعصفت بها رياح الهوى الهوج المحركة لنيران رغباتها المجنونة، وشهواتها العارمة، فتحرق هذه النار كل سبب يصلها بالله تعالى، فلا تلبث -بعد ذلك- أن تتنكر لخالقها وبارئها، وتنزع إلى عصيانه، وترغب في الانفلات من مسؤوليات الإيمان، وتكاليف الإسلام.
والنورسي -رحمه الله- إنما يرصد هذه النفس الضالة التي قد غلبت عليها رعونتها، وركبتها حماقتها، فتنشط في البحث عمّن يسليها ويلهيها، وينسيها مَنْ تكون..؟ ولِمَ كانت..؟ وما واجبها..؟ وما مسؤولياتها..؟ ويأسف لها وهي تتصامم عمّن يريد لها الصحو المسؤول، واليقظة البصيرة، ويطلب لها التعلم والمعرفة، ويأخذ بيدها للارتقاء والسمو، ويشرّفها بمعرفة الله ويتوّجها بتاج طاعته، ويُلبسها حُلل معرفته.. ويرى أنها -إذا زاد ارتكاسها وفاض بها غرورها- قد تتوهم نفسها قطب العالم ومحور الوجود، فتقيس كل شيء بمقاييسها، وتزنه بموازينها، لظنها أنها منبع كل حق، ومصدر كل صواب.. وقد تتمادى في هذا الغرور الأحمق حتى لتنازع «الربوبية» سلطانها، وتنسب لنفسها من صفات الألوهية ما تشاء ويشاء لها الهوى. وتتفاوت «النفوس» في أسباب تعرضها لمخاطر هذا التورم الخبيث، والانتفاخ المَرَضيّ المخيف، فيغدو البعض أشدّ عتوا، وأصعب توعرا، وأكثر استعصاءً وتمردا على حقوق الربوبية، ومستلزمات العبودية من البعض الآخر. وبسبب هذا التورم الذي يتسلل إلى مخ النفس، فيشل وعيَها، ويفقدها صوابها، ويُعمّي عليها حقيقة حجمها، وتبيان موقعها
§الأستاذ أديب إبراهيم الدباغ>
لا جدال في أنّ «النفس البشرية» طاقة عظمى من طاقات البناء والإعمار، ومصدر خصب من مصادر الحق والعدل والخير والجمال في هذا العالم إذا ما زكت وصفت وغدت موصولة الأسباب بفاطرها وموجِدها، لأن صلتها بالله، واستمساكها بأسباب أنواره، يجعلها موضع نظره، ومَنْ كَان موضعَ نظر الله تعالى أُفيضَ عليه من صفات جماله وكماله ما يستطيع بها أن يمحق ظلام الدنيا وشرورها.. وهي (أي النفس) قوة تدميرية عمياء، وطاقةُ هَدْم مرعبة، إذا ما نجمت فيها جرثومة التمرد والنزق والجموح، وعصفت بها رياح الهوى الهوج المحركة لنيران رغباتها المجنونة، وشهواتها العارمة، فتحرق هذه النار كل سبب يصلها بالله تعالى، فلا تلبث -بعد ذلك- أن تتنكر لخالقها وبارئها، وتنزع إلى عصيانه، وترغب في الانفلات من مسؤوليات الإيمان، وتكاليف الإسلام.
والنورسي -رحمه الله- إنما يرصد هذه النفس الضالة التي قد غلبت عليها رعونتها، وركبتها حماقتها، فتنشط في البحث عمّن يسليها ويلهيها، وينسيها مَنْ تكون..؟ ولِمَ كانت..؟ وما واجبها..؟ وما مسؤولياتها..؟ ويأسف لها وهي تتصامم عمّن يريد لها الصحو المسؤول، واليقظة البصيرة، ويطلب لها التعلم والمعرفة، ويأخذ بيدها للارتقاء والسمو، ويشرّفها بمعرفة الله ويتوّجها بتاج طاعته، ويُلبسها حُلل معرفته.. ويرى أنها -إذا زاد ارتكاسها وفاض بها غرورها- قد تتوهم نفسها قطب العالم ومحور الوجود، فتقيس كل شيء بمقاييسها، وتزنه بموازينها، لظنها أنها منبع كل حق، ومصدر كل صواب.. وقد تتمادى في هذا الغرور الأحمق حتى لتنازع «الربوبية» سلطانها، وتنسب لنفسها من صفات الألوهية ما تشاء ويشاء لها الهوى. وتتفاوت «النفوس» في أسباب تعرضها لمخاطر هذا التورم الخبيث، والانتفاخ المَرَضيّ المخيف، فيغدو البعض أشدّ عتوا، وأصعب توعرا، وأكثر استعصاءً وتمردا على حقوق الربوبية، ومستلزمات العبودية من البعض الآخر. وبسبب هذا التورم الذي يتسلل إلى مخ النفس، فيشل وعيَها، ويفقدها صوابها، ويُعمّي عليها حقيقة حجمها، وتبيان موقعها
Yükleniyor...