للكبير أن يتكبَّر على الصغير، إذ الوجود كالحق، لا فرق بين القليل والكثير. وكم من قليلٍ كثيرٌ، وكثيرٍ قليلٌ.
اعلم أن كل شيء -من شمس الشموس إلى ثمرة الشجرة- إذا أُمعن النظرُ يُرى أنه انتُخب واختير ومُيّز مما لا يحد. فأي شيء كان ينظر إلى ما لا يتناهى، فلا يَتصرف فيه بالذات إلّا من لا نهاية لتجليات صفاته. فتأمل!
اعلم أن العموم لا ينافي القصدَ الخصوصي والعنايةَ الشخصيةَ في الإنعام، إذ نِعمُ الله ليست مثلَ مال الوقف أو ماء النهر، (18) حتى يُرى إنعاما على الإطلاق، وحتى لا يُحِس الشخصُ في نفسه احتياجا إلى الشكر الخاص. وأن التعيّنات والخصوصيات ليست كالأواني والقوالب الحاصلة أوّلا، حتى يكون التعيّن، هو الذي يحصّل وجهَ الإنعام للمتعيّن. إذ المنعمُ الحقيقي جل شأنه يصنع لكل فرد قصعةً تناسبُه، ثم يملؤها من طعام نعمته فيحسنهما بالقصد الخصوصيّ للشخص باسمه ورسمه. فكما وجب الشكرُ على مطلق النعمة، وجب على الخاصة بالخصوصي.
اعلم أن الكتابَ الكبير المشهود «أي العالَم» والكتابَ العزيز المسموع «أي القرآن» بَخسَ أكثرُ البشر حقَّهما، إذ فيلسوفهم المتفكّر لا يعطي بالذات «للواجب» إلا جزءا بسيطا وقشرا رقيقا أو تركيبا اعتباريا، ثم يقسم الباقي على علل موهوماتٍ، بل ممتنعات، وأسماءٍ بلا مسميات ﹛﴿ قَاتَلَهُمُ اللّٰهُ اَنّٰى يُؤْفَكُونَ ﴾|﹜ (التوبة:٣٠). وأما الموحّد، فيقول: الكل مالُه ومنه وإليه وبه. أما القرآن، فأديبُهم المتخيل لا يعطي لذي العرش من ذلك القصر المحتشم (19) من أساساته المتينة ودساتيره المكينة وأحجاره المذهبة وأشجاره المزهرة إلا بعضَ نقوش النظم، وقسما من المعاني.. ثم يقسم الباقي من تلك النجوم السماوية على ساكني الأرض بدسيسةِ تلاحقِ الأفكار. (تُوه) (20) على عقله الذي خيل إليه تطاولَ يد البشر إلى النجوم بتبديلها والتصرف في أجرامها. مثله كمثل من يعطي لفياض البحر بعضَ الحبابات. والمؤمن المحقق يقول: كل ما اشتمل عليه (21) من أول الأساسات إلى آخر نقوش النظم منه وله. وأن القرآنَ
اعلم أن كل شيء -من شمس الشموس إلى ثمرة الشجرة- إذا أُمعن النظرُ يُرى أنه انتُخب واختير ومُيّز مما لا يحد. فأي شيء كان ينظر إلى ما لا يتناهى، فلا يَتصرف فيه بالذات إلّا من لا نهاية لتجليات صفاته. فتأمل!
اعلم أن العموم لا ينافي القصدَ الخصوصي والعنايةَ الشخصيةَ في الإنعام، إذ نِعمُ الله ليست مثلَ مال الوقف أو ماء النهر، (18) حتى يُرى إنعاما على الإطلاق، وحتى لا يُحِس الشخصُ في نفسه احتياجا إلى الشكر الخاص. وأن التعيّنات والخصوصيات ليست كالأواني والقوالب الحاصلة أوّلا، حتى يكون التعيّن، هو الذي يحصّل وجهَ الإنعام للمتعيّن. إذ المنعمُ الحقيقي جل شأنه يصنع لكل فرد قصعةً تناسبُه، ثم يملؤها من طعام نعمته فيحسنهما بالقصد الخصوصيّ للشخص باسمه ورسمه. فكما وجب الشكرُ على مطلق النعمة، وجب على الخاصة بالخصوصي.
اعلم أن الكتابَ الكبير المشهود «أي العالَم» والكتابَ العزيز المسموع «أي القرآن» بَخسَ أكثرُ البشر حقَّهما، إذ فيلسوفهم المتفكّر لا يعطي بالذات «للواجب» إلا جزءا بسيطا وقشرا رقيقا أو تركيبا اعتباريا، ثم يقسم الباقي على علل موهوماتٍ، بل ممتنعات، وأسماءٍ بلا مسميات ﹛﴿ قَاتَلَهُمُ اللّٰهُ اَنّٰى يُؤْفَكُونَ ﴾|﹜ (التوبة:٣٠). وأما الموحّد، فيقول: الكل مالُه ومنه وإليه وبه. أما القرآن، فأديبُهم المتخيل لا يعطي لذي العرش من ذلك القصر المحتشم (19) من أساساته المتينة ودساتيره المكينة وأحجاره المذهبة وأشجاره المزهرة إلا بعضَ نقوش النظم، وقسما من المعاني.. ثم يقسم الباقي من تلك النجوم السماوية على ساكني الأرض بدسيسةِ تلاحقِ الأفكار. (تُوه) (20) على عقله الذي خيل إليه تطاولَ يد البشر إلى النجوم بتبديلها والتصرف في أجرامها. مثله كمثل من يعطي لفياض البحر بعضَ الحبابات. والمؤمن المحقق يقول: كل ما اشتمل عليه (21) من أول الأساسات إلى آخر نقوش النظم منه وله. وأن القرآنَ
Yükleniyor...