خاتمة هذا المبحث

في أربعة أمراض (26)


الأول: اليأس

اعلم أنك إذا تدهّشت من العذاب وما وُفِّقتَ للعمل، تتمنى عدمَ العذاب، فتتحرى ما ينافيه، فترى الأمارات المنافية براهينَ، فتخطفك الشياطين؛ فاستمع بقلب شهيد قولَه تعالى:

,

~﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذ۪ينَ اَسْرَفُوا عَلٰٓى اَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّٰهِ>

, اِنَّ اللّٰهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَم۪يعًا اِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّح۪يمُ ﴾|@

(الزمر:٥٣).>

والثاني: العُجب

نعم يا نفس! (27) أيستَ ثم تَحريتَ ما تستند إليه في مقابلة العذاب، فرأيت محاسنك، فوقعت في ضلالةٍ من باب العُجب، مع أنه لاحقَّ لك قطعا في شيء من الكمالات، فتأمل..

يا نفسي! هذا الوجود الذي سكنته ما هو صنعتُك حتى تُتَملّك، وما هو لقيطةٌ التقطتها حتى يُتَمَلَّك، وما هو نتيجة تصادفٍ أعمى واتفاقيةٍ عوراء وأسبابٍ جامدة حتى يُقتَطف ويُتملك، وليس شيئا رخيصا بلا أهمية تافها سدىً أعرض عنه مالكُه حتى تأخذَه وتتملَّكه، بل هذا الوجود -بعجائب صنعته وغرائب نقشه- يدل على أنه خرج من يدِ صانعٍ حكيم، مهيمن عليه دائما..

ألا تَرى أنه ليس في يدك من تصاريف هذا الوجود من ملايينِ تصرفاتٍ إلّا تصرفٌ واحد مشكوكٌ هو حجتُه عليك..

وكذا ألا ترى أنك أشرفُ الأسباب وأوسعها اختيارا وأظهرُ أفعالك الاختياريةِ الأكلُ والكلامُ، مع أنه ليس في يدك من مائة جزءٍ منهما إلّا جزءٌ واحد..

وكذا إن أضيقَ خاصياتك الاختيارُ وأوسَع حواسك الخيالُ، مع أن الخيال لا يحيط بالعقل وثمراته، فكيف تُدخِله تحت دائرة الاختيار فتفتخر به؟

 /  
477
Yükleniyor...