(٢١) وإن ما يتظاهر في مجموع الكائنات كلا وأجزاء: من «الحكمة العامة» المتضمنة للقصد والشعور والإرادة والاختيار، الدالة على وجوب وجودِ حكيم مطلق؛ لامتناع الفعل بلا فاعل، ولامتناع أن يكون جزء المفعول المنفعل الجامد فاعلا لهذا الفعل العام الشعوري..

(٢٢) وما يتلألأ على وجه الكائنات من «العناية التامة» المتضمنة للحكمة واللطف والتحسين، الدالة بالضرورة على وجوبِ وجودِ خلاق كريم؛ لامتناع الإحسان بلا محسن..

(٢٣) وما انبسط على وجه الكائنات من «الرحمة الواسعة» المتضمنة للحكمة والعناية والإحسان والإنعام والإكرام والتلطيف والتودد والتحبب والتعرف، الدالة على وجوب وجود الرحمن الرحيم؛ لامتناع الصفة بلا موصوف ولامتناع أن يُلبس هذه الحُلّةَ التي تسع السماوات والأرض غيرُه تعالى. إذ أين قامة هذه الأسباب الجامدة الميتة القصيرة الحقيرة، وأين قيمة هذه الحُلة الغير المحدودة؟..

(٢٤) وما وزع على ذوي الحياة -على تنوّع حاجاتها- من «الرزق العام» المتضمن للحكمة والعناية، والرحمة والحماية، والمحافظة والتعهد، والتعمد والتودد والتعرف الدال بالضرورة على وجوب وجود رزاق رحيم؛ لامتناع الفعل بلا فاعل، وامتناع أن يكون جزء المفعول فاعلا لهذا الفعل العام..

(٢٥) وما انتثر وانتشر في الكائنات من «الحي والحياة» المتضمنتين للحكمة والعناية والرحمة والرزق والصنعة الدقيقة والنقش الرقيق والإتقان والاهتمام المترشحة بتجليات قصد وشعور وعلم وإرادة تامة عليها، الدالة تلك الحياة على وجوب وجود قادر قيوم محيٍ مميت واحد؛ ولأن كلَّ شيءٍ واحدٌ فخالقُه واحد؛ إذ «الواحد لا يصدر إلّا عن الواحد» فخالق الكل واحد خلافا لقاعدة الفلسفة الكاذبة المشركة القائلة: «الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد».

فهذه الحقائق الخمسة الممتزجة كالألوان السبعة في الضياء وكالدوائر المتداخلة المتحدة المركز، تدل بالبداهة على أن لهذه الكائنات ربا، قديرا، عليما حكيما، كريما، رحيما، رحمانَ، رزاقا، حيَّا، قيوما، متصفا بأوصاف الكمال.. فتفتح هذه الخمسة الممتزجة بضياء واحد مشكاة نظارة إلى الحدس الصادق المنظم إلى نور الإسلام، المنظّم إلى التسليم لطور النبوة، المنظّم

 /  
477
Yükleniyor...