❒ (١٩) وإن «عدمَ تناهي خوارق نقش صنعة الكائنات وإتقانها» والاهتمام بها، تستلزم قدرةً غير متناهية، بل كل جزء منها أيضا يستلزم تلك القدرة. فإذن تستلزم وتقتضي وتدل بالضرورة على أن لهذه الكائنات خالقا قديرا، له قدرة كاملة لانهاية لتجليات تلك القدرة بوجه من الوجوه. فإذن استغنَى عن الشركاء بالقطع فلا حاجة إليها بالضرورة، مع أن الشركاء الموهومة المُستَغنيَ عنها بالقطع والضرورة ممتنعةٌ بالذات. لا يمكن أن يوجد فرد منها؛ وإلّا لزم تحديد القدرة الكاملة الغير المتناهية من كل وجه، وانتهاؤها في وقت عدم التناهي بالمتناهي بلا ضرورة، بل مع الضرورة في عكسه وهو محال بخمس مراتب بالضرورة. فمن هنا يكون الاستقلال والانفراد خاصيتين ذاتيتين للألوهية. مع أنه لا محلَّ ولا موضعَ ولا مكان للشريك إلَّا في الفرض الوهمي؛ إذ ما نزل سلطانٌ قط ولا احتمالٌ عن دليل، ولا إمكانا ذاتيا (17)ولم يوجد أمارة ما قط على وجود الشريك في جهة من جهات الكائنات. وإلى أي جهة روجع واستُفسر عن الشريك، أُعطى جوابُ ردٍّ بإراءة سكة التوحيد، مع أنه لا مؤثر في الكون على الحقيقة إلاّ واحد أحد؛ بسرّ أنّ أشرف الكائنات وأوسع الأسباب اختيارا الإنسانُ، مع أنه ليس في يد البشر مِن أظهرِ أفعاله الاختيارية كالأكل والكلام من مائة جزء إلّا جزءٌ واحد مشكوك فيه. فإذا كان الأشرفُ والأوسعُ اختيارا هكذا مغلولَ الأيدي فكيف بالأسباب الجامدة الميتة؟ فكيف يكون المنديل والظرف الذي لَفَّ فيه السلطانُ هديتَه، شريكا للسلطان أو معينا له؟.. فتتحدس من هنا قطعا بأن الأسبابَ حجابُ القدرة فقط؛ ومناطُ الحكمة، ليس إلاّ.. فتفتح هذه الحقيقة أيضا مرصادا ناظرا إلى الوجوب والوحدة؛ فتشهد الكائنات فيه بهذا اللسان منادية: الله لا إله إلّا هُو..
❒ (٢٠) وإن «تساند الأسماء المتجلية» في الكائنات، مع شمول بعض الأسماء كلَّ شيء بظهور أثرها فيه كالعليم، وتَشاركَها وتشابُكَها حتى في ذرة واحدة، وتعاكسَها كلا في كلٍ، وتمازجَها كالألوان السبعة في ضياء الشمس، تدل هذه الأحوال مع وحدة أثرها على أن مسمّاها واحد أحد فرد صمد؛ فتفتح مشكاةً نظارةً إلى الواجب الوجود الواحد الأحد، تشهد الكائنات فيها بهذا اللسان النوراني: الله لا إله إلّا هُو..
Yükleniyor...