معالجة بالنسبة إلى تلك القدرة؛ إذ هي ذاتية للذات (10)محالٌ تداخلُ ضدِّها فيها، فتتساوى بالنسبة إلى لمعتها الذراتُ والشموس والجزء والكل والفرد والنوع، بسر الشفافية والمقابلة والموازنة والتجرد والإطاعة والانتظام (11)بل بالحدس والمشاهدة، إذ تلك القدرة تفعل بأمثال الخيوط الدقيقة الجامدة أمثالَ العناقيد، تلك الخوارق الحيوية.. لو أُحيلت على الأسباب؛ لاحتيج لتصنيع عنقود واحد -لو أمكن- إلى ملايين قنطارٍ من تلك الكلفة والمعالجات! وكذا إن تلك القدرة تتجلى بجلوات الوجود المنعكس من ظل الوجوب في سَمِّ الخياط، على صفحات الشفافات بالتماثيل البرزخية.. لو أحيلت على الأسباب لامتنعت أو احتيجت إلى ما لا يحد من المعالجات.

اعلم أن الحياةَ والوجود والنور -لشفافية وجهَي المُلكِ والملكوتِ فيها- ما استترت القدرةُ عند إيجادها تحت الوسائط الكثيفة. فيترقق السببُ الظاهري فيها بحيث يتراءى تحتَه تصرفُ القدرة. فمن أمعن النظر في أطوار الحياة والأنوار، يشاهِد تصرفاتِ القدرة تحت الأسباب؛ إذ تلك القدرة لا تَصرِفُ لتصنيع عنقودِ العنب إلّا غصنا دقيقا جامدا، ولترسيم شُميسة في زجيجة إلاّ إمرارَ النور في سَمِّ الخياط، ولتنوير البيت إلّا توسيطَ شَعرةٍ في زجاجة.

وكذا إن الأرواحَ والعقول في اضطرابات مزعجة ناشئة من أمراض وضلالات ناشئة من الاستنكارات الناشئة من الاستبعاد والاستغراب والحيرة في إسناد الأشياء إلى أنفسها وأسبابها الإمكانية. (12)فتُجبر الاضطراباتُ الأرواحَ للخلاص والتشفي (13)إلى الفرار إلى الواجب الوجود الواحد الأحد الذي بقدرته يحصل إيضاحُ كل مُشكل، وإرادتُه مفتاح كل مغلق، وبذكره تطمئن القلوب. فلا ملجأ ولا منجى ولا مناص ولا مخلص، إلّا الالتجاء والفرار إلى الله والتفويض إليه. كما قال الله تعالى: ﴿ فَفِرُّٓوا اِلَى اللّٰهِ ﴾ (الذاريات:٥٠) ﴿ اَلَا بِذِكْرِ اللّٰهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ (الرعد:٢٨) فتفتح هذه الحقيقة أيضا مشكاةً نظارة إلى الحدس الصادق، المنظّم إلى نور الإسلام، المنظّم إلى التسليم لطور النبوة، المنظّم

 /  
477
Yükleniyor...