كلفةً من صدور الواحد عن الكثير المتشاكسين العُمي الذين اجتماعهم يُزيدهم عَمىً؛ إذ النحلة لو لم تخرج من يد قدرة الواجب، لزم اشتراك ما في الأرض والسماوات في وجودها! بل تترقى الكلفة والمعالجة في الجزء الواحد من الذرة بالنسبة إلى الوجوب إلى أمثال الجبال، ومن الشعرة إلى أمثال الحبال، لو أُحيل على الأسباب.. إذ الواحد بالفعل الواحد يحصّل وضعيةً ومصلحة للكثير لا يصل إلى عين تلك الوضعية والنتيجة الكثيرُ إلّا بفعل كثير؛ كالأمير بالنسبة إلى نَفَراته، والفوّارة إلى قطراتها، والمركز إلى نقاط دائرته. فبفعل واحدٍ تصل هذه الثلاثة إلى تحصيل وضعيةٍ للكثير، (8)ونتيجةٍ لا تصلُ النفرات والقطرات والنقاط لو أحيلت عليها إلّا بأفعال كثيرة وتكلُّفات عظيمة. بل الاستغراب والاستبعاد الموهومان في طرف الوجوب، ينقلبان هنا إلى محالات متسلسلة.

من بعض المحالات: فرض صفات الواجب في كل ذرة بضرورة اقتضاء النقش الكامل والصنعة المتقنة.. وكذا، توهُّمُ شركاءَ غيرِ متناهية في الوجوب الذي لا يقبل الشركة أصلا.. وكذا، فرض كل ذرة حاكما على الكل ومحكوما لكلٍ من المجموع، وللكلِ معا، بضرورة اقتضاء النِظام والانتظام.. وكذا، فرض شعورٍ محيط، وعلمٍ تام في كل ذرةٍ، بضرورة اقتضاءِ التساند والموازنة.

فإسناد الأشياء إلى الأسباب في جانب الإمكان والكثرة يستلزم التزامَ هذه المحالات المتسلسلة، والممتنِعات العقلية، والأباطيل التي تمجّها الأوهام.. وأما إذا أُسند إلى صاحبها الحقيقي، وهو صاحب مرتبة الوجوب والوحدة، لا يلزم إلّا أن تكون الذرة ومركباتها -كقطرات المطر المتشمِّسة المتلمعة بتماثيل الشمس- مظاهرَ للمعاتِ تجليات القدرة النورانية الأزلية الغير المتناهية المتضمنة للعلم والإرادة الأزليين الغير المتناهيين، فلمعتُها المالكة لخاصيتها أجلُّ من شمس الأسباب تأثيرا بسبب التجزؤ والانقسام في جانب الإمكان والكثرة دون الوجوب والوحدة. فالتّماس مع تلك القدرة في أقلَّ من ذرة أكبر تأثيرا من أمثال الجبال في جانب الكثرة، بسبب أن جزء النوراني مالكٌ لخاصية الكل، كأن الكلّ كلي، والجزءَ جزئيٌ ولو كان النور ممكنا، فكيف بنور الأنوار المتنور من جانب الوجوب؟.. (9)وكذا لا كلفة ولا

 /  
477
Yükleniyor...