بالمشاهدة.. وأن حسن الصنعة وزينة الصورة يدلان بالبداهة على أن في صانعها إرادةَ تحسينٍ وطلبَ تزيينٍ في غاية القوة.. وأن إرادة التحسين وطلبَ التزيين يدلان بالضرورة على أن في صانعها محبةً عُلويةً لصنعته، ورغبةً قدسية لإظهار كمالاتِ صنعته.. وأن تلك المحبة والرغبة تدلان بالقطع على أن الإنسان الذي هو أكمل المصنوعات وأبدعها وأجمل المخلوقات وأجمعها، هو المظهرُ الجامعُ والمدارُ البارعُ لتلك المحبة والرغبة، وهو الذي تتمركزان فيه.. وأن الإنسان لكونه أجمع وأبدع المصنوعات فهو الثمرة الشعورية لشجرة الخلقة، أي هو لها كثمرةٍ ذات شعور.. فلكونه كالثمرة، فهو ما بين أجزاء الكائنات جزء أجمعُ وأبعدُ من جميع الأجزاء.. فلكونه أجمعَ وأبعدَ وذا شعور، فله نظرٌ عام وشعور كلي.. فلكون نظره عاما يرى مجموع شجرة الخلقة.. ولكون شعوره كليا يعرف مقاصد الصانع، فهو المخاطَب الخاص للصانع.. فلكون عموم النظر وكلية الشعور سببا لخصوصية الخطاب، فالفرد الذي يَصرِف كلَّ نظرهِ العامِ وعمومَ شعوره الكلي إلى التعبد للصانع والتحببِ إليه والمحبة له، ويوجِّه تمامَ شعورِه ودقةِ نظره إلى استحسان صنعة الصانع وتقديرها وتشهيرها، ويَستعمِل جميعَ نظره وشعوره ومجموعَ قوّته وهمّته إلى شكر نعمةِ ذلك الصانع الذي يطلب الشكر في مقابلة إنعامه، وإلى دعوة الناس كافةً إلى التعبد والاستحسان والشكر. فبالبداهة يكون ذلك الفردُ الفريد هو المخاطبَ المقرَّبَ والحبيبَ المحبَّب..
فيا أيها الناس! هل يمكن عندكم أن لا يكون محمّد عليه الصلاة والسلام ذلك الفردَ الفريد؟ وهل يستطيع تاريخكم أن يُظهر فردا آخر أليقَ بهذا المقام من محمّد عليه الصلاة والسلام؟ فيا مَن له بصر بلا رَمَد، وبصيرة بلا عمى! انظر إلى عالم الإنسان في هذه الكائنات، حتى تشاهد بالعيان دائرتين متقابلتين، ولوحين متناظرين:
فأما إحدى الدائرتين، فدائرةُ ربوبيةٍ محتشمة منتظمة في غاية الاحتشام والانتظام. وأما أحد اللوحين فلوح صنعةِ مصنَّعٍ مرصّع في غاية الإتقان والاتزان.
وأما الدائرة الأخرى فهي دائرة عبوديةٍ منوّرة مزهرة في غاية الانقياد والاستقامة. وأما اللوح الآخر، فهو لوحُ تفكرٍ واستحسان في غاية الوُسعَة، وصحيفةُ تشكُّرٍ وإيمان في غاية الجمع.
فيا أيها الناس! هل يمكن عندكم أن لا يكون محمّد عليه الصلاة والسلام ذلك الفردَ الفريد؟ وهل يستطيع تاريخكم أن يُظهر فردا آخر أليقَ بهذا المقام من محمّد عليه الصلاة والسلام؟ فيا مَن له بصر بلا رَمَد، وبصيرة بلا عمى! انظر إلى عالم الإنسان في هذه الكائنات، حتى تشاهد بالعيان دائرتين متقابلتين، ولوحين متناظرين:
فأما إحدى الدائرتين، فدائرةُ ربوبيةٍ محتشمة منتظمة في غاية الاحتشام والانتظام. وأما أحد اللوحين فلوح صنعةِ مصنَّعٍ مرصّع في غاية الإتقان والاتزان.
وأما الدائرة الأخرى فهي دائرة عبوديةٍ منوّرة مزهرة في غاية الانقياد والاستقامة. وأما اللوح الآخر، فهو لوحُ تفكرٍ واستحسان في غاية الوُسعَة، وصحيفةُ تشكُّرٍ وإيمان في غاية الجمع.
Yükleniyor...