الرشحة السادسة

فإن قلت: مَن هذا الشخص الذي نراه قد صار شمسا للكون، كاشفا بدينه عن كمالات الكائنات، وما يقول؟

قيل لك: انظر واستمع ما يقول! ها هو يخبر عن سعادة أبدية ويبشّر بها، ويكشف عن رحمة بلا نهاية، ويعلنها ويدعو الناس إليها. وهو دلّالُ محاسنِ سلطنةِ الربوبية ونَظّارُها، وكشّافُ مخفيات كنوز الأسماء الإلهية ومعرِّفها.

فانظر إليه من جهة وظيفته؛ تَرَه برهانَ الحق وسراجَ الحقيقة وشمس الهداية ووسيلة السعادة.

ثم انظر إليه من جهة شخصيته تَرَه مثالَ المحبةِ الرحمانية، وتمثالَ الرحمة الربانية، وشرفَ الحقيقة الإنسانية، وأنورَ أزهرِ ثمراتِ شجرة الخلقة.

ثم انظر، كيف أحاط نورُ دينه بالشرق والغرب في سرعة البرق الشارق، وقد قَبِل بإذعان القلب قريبٌ من نصف الأرض ومن خُمس بني آدم هديةَ هدايته بحيث تفدي لها أرواحها.

فهل يمكن للنفس والشيطان أن يناقشا بدون مغالطة في مدَّعَيات مثل هذا الشخص، لاسيما في دعوىً هي أساس كل مدّعَياته وهو «لا إله إلّا الله» بجميع مراتبه؟!

الرشحة السابعة

فإن شئت أنْ تَعرف أن ما يحرّكه إنما هو قوّة قدسية، فانظر إلى إجراآته في هذه الجزيرة الواسعة! ألا ترى هذه الأقوام الوحشيةَ في هذه الصحراء العجيبة، المتعصبين لعاداتهم، المعاندين في عصبيتهم وخصامم، القاسيةَ قلوبُهم بدرجة يدفِن أحدُهم بنتَه حيةً بلا تأثّر! كيف رفع هذا الشخصُ جميع أخلاقهم السيئة والوحشية، وقلَعَها في زمان قليل! وجهّزهم بأخلاق حسنة عالية، فصيّرهم معلِّمِي العالمِ الإنساني وأساتيذَ (4)الأمم المتمدنة. فانظر، ليست سلطنته على الظاهر فقط، بقوة الخوف كسائر الملوك، بل ها هو يفتح القلوب والعقول،


Yükleniyor...