محترمة. ألا ترين أن مثَلك كمثل مَن كان في سفينة مشحونة بمال السلطان وقد فُوّض إليه تدبيرٌ جزئي من دواليبه، فوضع الشخصُ الأبله ذلك الدولاب المربوط بالسفينة مع أرزاقه على ظهره بكمال الاهتمام. فإن كان له جزء من العقل لقال: إني أيضا في السفينة فأطرحُ فيها مالي مع مال مالكها.. وكذا واحملي الدساتير الإسلاميةَ على سفينة دماغ عالم الإسلام لتستفيدي وأنت مستريحة مطمئنة...
اعلم أن من خلَقك لا يُبعَد منه ولا يُستغَرب أن يخلق العالَم بجميع ما فيه، لأنه فيك ما فيه. (4)بل يجب أن يكون خالقُك هو الخالق لكل شيء، لامتناع أن يكون خالقُ البطيخ غيرَ خالقِ نواته التي هي أنموذجُه المصغر المتلخّص منه المُحاط به...
اعلم أنك مقيّدٌ بالتعيّن، في مقيّدٍ بالبدن، بمقيد بالعمر، محدودُ الحياة في محدود البقاء بمحدود الاقتدار. فحينئذ لابد أن لا تصرفَ هذا العمرَ القصير القليل الفاني للفاني حتى يفنى، بل للباقي ليبقى؛ إذ الاستفادة منه هنا تصير مائة سنة، كمائة نواة نخلة تتآكل مع يبوستها وقلة نفعها وإضاعة فوائد الغرس على آكلها، وإن وجّهت إلى الآخرة وسُقيت بماء الشريعة صارت مائةَ نخل باسقات.. الحق أن مَن يشترى بمائة نخل باسقات، مائةَ نواة يابسات.. فهو لائق لأن يكون حطب الحُطَمَة..
اعلم أن مخزنَ الأوهام والشبهات بل الضلالات فرضُ النفس نفسَها خارج الدائرة التي تجلى القدَرُ والصفات الإلهية فيها، ثم تفرضُ النفسُ نفسَها الأجنبية (5) في موقع الشيء الذي تعلّق به القدرُ وتجلى عليه اسمٌ من الأسماء الإلهية فتفنى فيه، ثم بصبغة الأجنبية تشرع تُخرج ذلك الشيء أيضا عن مُلكِ الله، وتصرُّفِ قُدرتِه بتأويلاتٍ تصير بها أستاذَ الشياطين، وتعكس حالاتها المترشحة من شركها الخفي في ذلك الشيء المعصوم. فالنفسُ الأمارة كالنَّعامة ترى فيما عليها، لها وجها، (6) وكالسوفسطائي تقول للمتخاصميَن: يا هذا دليلُ خصمك يردّك، وكذا: يا ذا دليلُ هذا يبطلك، فلا حق لكما. (7)
اعلم أن النفس تديم الغفلةَ بربط الدنيا بالآخرة، كأنها منتهاها، كلا بل معكوستها.
اعلم أن من خلَقك لا يُبعَد منه ولا يُستغَرب أن يخلق العالَم بجميع ما فيه، لأنه فيك ما فيه. (4)بل يجب أن يكون خالقُك هو الخالق لكل شيء، لامتناع أن يكون خالقُ البطيخ غيرَ خالقِ نواته التي هي أنموذجُه المصغر المتلخّص منه المُحاط به...
اعلم أنك مقيّدٌ بالتعيّن، في مقيّدٍ بالبدن، بمقيد بالعمر، محدودُ الحياة في محدود البقاء بمحدود الاقتدار. فحينئذ لابد أن لا تصرفَ هذا العمرَ القصير القليل الفاني للفاني حتى يفنى، بل للباقي ليبقى؛ إذ الاستفادة منه هنا تصير مائة سنة، كمائة نواة نخلة تتآكل مع يبوستها وقلة نفعها وإضاعة فوائد الغرس على آكلها، وإن وجّهت إلى الآخرة وسُقيت بماء الشريعة صارت مائةَ نخل باسقات.. الحق أن مَن يشترى بمائة نخل باسقات، مائةَ نواة يابسات.. فهو لائق لأن يكون حطب الحُطَمَة..
اعلم أن مخزنَ الأوهام والشبهات بل الضلالات فرضُ النفس نفسَها خارج الدائرة التي تجلى القدَرُ والصفات الإلهية فيها، ثم تفرضُ النفسُ نفسَها الأجنبية (5) في موقع الشيء الذي تعلّق به القدرُ وتجلى عليه اسمٌ من الأسماء الإلهية فتفنى فيه، ثم بصبغة الأجنبية تشرع تُخرج ذلك الشيء أيضا عن مُلكِ الله، وتصرُّفِ قُدرتِه بتأويلاتٍ تصير بها أستاذَ الشياطين، وتعكس حالاتها المترشحة من شركها الخفي في ذلك الشيء المعصوم. فالنفسُ الأمارة كالنَّعامة ترى فيما عليها، لها وجها، (6) وكالسوفسطائي تقول للمتخاصميَن: يا هذا دليلُ خصمك يردّك، وكذا: يا ذا دليلُ هذا يبطلك، فلا حق لكما. (7)
اعلم أن النفس تديم الغفلةَ بربط الدنيا بالآخرة، كأنها منتهاها، كلا بل معكوستها.
Yükleniyor...