على مِسطر القَدَر. فالقُدرة مصدرٌ، تنظر إلى مِسطَر القدر. (21) فهذان القَدران يدلان بالضرورة على وجوب وجود مَن هذه الكائناتُ خطوط قلم قضائه وقدره. آمنّا!

(٥٢) وكذا إن «جامعية استعداد الإنسان» تخبرنا بأن البشر ثمرةُ شجرةِ الخلقة، فيكون أكملَ وأبعدَ، فوجههُ الشفاف متوجهٌ إلى الظلمة وفضاءِ العدم الذي هو باطن الدنيا. وما في جامعية الاستعداد من قابلية العبادة، تخبرنا بأن الإنسان ما خُلق هكذا، ليكون منكوس الرأس يخلد إلى الفاني، بل قابلية العبادة لصرف وجهه الشفاف من الظلمة إلى النور، ومن فضاء العدم إلى الوجود، ومن المنتهى إلى المبدأ، ومن الفاني إلى الباقي، ومن الخلق إلى الحق. كأن العبادةَ حلقة اتصال بين المنتهى والمبدأ في دائرة الخلقة. فتشهد الفطرة بهذا اللسان على وجوب وجود مَن خَلق الخلق ليُعْرَف، وخلَق الجنَّ والإنس ليُعْبَد. آمنّا..

(٥٣) وكذا إن ما يُشاهد في الكون من مرتبة «الإمكان والكثرة والانفعال» يستلزم بالبداهة الأَولَوية مرتبةَ الوجوب والوحدة والفاعلية، فيدل بالضرورة على وجوب وجود الواجب الوجود الواحد الأحد الفعال لما يريد. آمنا..

(٥٤) وكذا يُشاهَد في الكائنات أن «الأشياء تتحرك قبل الوصول إلى نقطة الكمال لها» ثم تسكن بعد الوصول وتستقر. فيتحدس من هنا بأن الوجود يقتضي الكمال؛ والكمال يقتضي الثبات، فوجود الوجود بالكمال، وكمال الكمال بالدوام، فالواجب السرمدي، هو الكامل المطلق. فكل كمالات الممكنات ظلالٌ لتجليات أنوار كماله. فتدل هذه الحقيقة على أن الله هو الكامل المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله. آمنا..

(٥٥) وكذا إن «ألْطفية باطن الشيء من ظاهره» كما يدل على أن صانعه ليس خارجا بعيدا منه، كذلك «محافظته لِنِسَب النظام والموازنة» مع سائر الأشياء يدل على أنه ليس داخلا في الشيء أيضا. فالنظر إلى المصنوع في ذاته كما يدل على أن صانعه عليم حكيم.. فالنظر إليه مع الغير يدل على أن صانعه سميع بصير، فوق الكل يراه مع الغير يرسم بهما نقشا لمصلحة. فتدل هذه الحقيقة على وجوب وجود الصانع الذي ليس داخلا في العالم ولا خارجا، كما هو في أبطن البطون كذلك فوق الفوق، كما يرى شيئا يرى معه كل الأشياء. آمنا..

 /  
477
Yükleniyor...