ثم انظر إلى قوة حقانية الحشر والآخرة، وهي أنه:

كما لا يمكن سلطان بلا مكافأة للمطيعين وبلا مجازاة للعاصين:

لاسيما: إذا كان له كرمٌ عظيم يقتضي الإحسان، وعزةٌ عظيمة تقتضي الغيرة..

ولاسيما: إذا كان له رحمة واسعة تقتضي فضلا يليق بوسعة رحمته، وله جلالُ حيثيةٍ تقتضي تربيةَ مَن يستخف به، ولا يوقّره..

ولاسيما: إذا كان له حكمة عالية، تقتضي حمايةَ شأنِ سلطنته بتلطيف الملتجئين إلى جناحه، وله عدالة محضة تقتضي محافظةَ حشمةِ مالكيته بمحافظة حقوق رعيته..

ولاسيما: إذا كان له خزائن مشحونة مع سخاوة مطلقة، تقتضي وجود دارِ ضيافةٍ دائمة، وتقتضي دوامَ وجودِ محتاجين بأنواع الحاجات فيها. وكذا له كمالاتٌ مستورة تقتضي التشهير على رؤوس المشاهِدين المقدِّرين المستحسِنين. وكذا له محاسنُ جمال معنوي بلا مثل، وله لطائفُ حُسن مَخفيّ بلا نظير، تقتضي الشهودَ لحُسنه بنفسه في مرآة، والإشهادَ لغيره، والإراءةَ بوجود مستحسِنين متنزِّهين ومشتاقين متحيرين بل دوامِ وجودهم؛ إذ الجمال الدائم لا يرضى بالمشتاق الزائل!

ولاسيما: إذا كان له شفقة رحيمة في إغاثة الملهوف وإجابة الداعي، بدرجةٍ يُراعي أدنى حاجةٍ مِن أدنى رعية، تقتضي تلك الشفقة اقتضاءً قطعيا يقينا أن تُسعِفَ أعظمَ الحاجة من مقبول السلطان، وبالخاصة إذا كانت الحاجة عامة مع أنها يسيرة سهلة عليه، ومع اشتراك العموم في تضرع مقبول السلطان.

ولاسيما: إذا شوهد مِن إجراآته آثارُ سلطنته في نهاية الاحتشام، مع أن ما يُرى من رعيته إنما اجتمعوا في منزلٍ مُعَدٍّ للمسافرين، يُملأ ويُفرغ في كل يومٍ، وحضروا في ميدانِ امتحانٍ يتبدل في كل وقت، وتوقفوا قليلا في مَشهَر قد أُعدّ لإراءة أنموذجِ غرائبِ صنعةِ المَلِك، ونموناتِ (4)إحساناته؛ وهذا المشهر يتحول في كل زمان. فهذه الحالة تقتضي بالضرورة أن يوجَد خلفَ هذا المنزل والميدان والمشهر وبعدَها قصورٌ دائمة، ومساكن مستمرة، وخزائن مفتحة الأبواب، مشحونة بجيّداتِ أصول الأنموذجات المغشوشات.

Yükleniyor...