الأولياء المختلفة المشارب، وكلّ كتب الموحدين المبرهنين المختلفةِ المسالكِ. فقد أجمع الكلُّ -أي العقول والقلوب في هؤلاء- على تصديق حُكم القرآنِ الكريم المنوَّرِ جهاتُه الستُّ: كلام الله، المحافظ لياقتَه لهذا الاسم على مر الدهور.. محض الوحي بإجماع مهبط الوحي وأهل الكشف والإلهام.. عين الهداية بالبداهة.. معدن الإيمان بالضرورة.. مَجمَع الحقائق باليقين.. موصلٌ إلى السعادة بالعيان.. ذو الثمرات الكاملين بالمشاهدة.. مقبول الملك والإنس والجان بالحدس الصادق المتولدِ من تفاريق الأمارات.. المؤيَّد بالدلائل العقلية باتفاق العقلاء الكاملين.. المصدَّق بشهادة الفطرة السليمة عن الأمراض باطمئنان الوجدان.. المعجزة الأبدية بالمشاهدة.. لسان الغيب يشهد في عالم الشهادة شهادات مكررة جازمة ب ﴿ فَاعْلَمْ اَنَّهُ لَٓا اِلٰهَ اِلَّا اللّٰهُ ﴾ (محمد:١٩) الذي دَلَّ على وجوب وجوده ودَلَّ على أوصاف جلاله وجماله وكماله، وشهد على وحدانيته:

العالمُ، أي هذا الكتاب الكبير بجميع أبوابه وفصوله وصُحفه وسطوره وجُمله وحروفه، وهذا الإنسان الكبير بجميع أعضائه وجوارحه وحجيراته وذراته وأوصافه وأحواله. أي هذه الكائنات بجميع أنواع العوالم تقول: لا إله إلّا الله.. وبأركان تلك العوالم: لَا خالِق إلّا هو.. وبأعضاء تلك الأركان: لا صانع إلّا هو.. وبأجزاء تلك الأعضاء، لا مدبّر إلّا هو.. وبجزئيات تلك الأجزاء: لا مُربّيَ إلّا هو.. وبحجيرات تلك الجزئيات: لا متصرف إلّا هو.. وبذرات تلك الحجيرات: لا خالِقَ إلّا هو.. وبأثير تلك الذرات: لا إله إلّا هو.. فتشهد الكائنات على أنه هو الواجب الوجود الواحد الأحد بجميع أنواعها وأركانها وأعضائها وأجزائها وجزئياتها وحجيراتها وذراتها وأثيرها، إفرادا وتركيبا، متصاعدا بتركيبات منتظمة، رافعاتٍ أعلامَ الشهادة على وجوب وجود الصانع الأزلي.. ومتنازلا بنقوش غريبة، شاهدات على وجوب وجود النَّقَّاش الأزلي.. والكائناتُ كلُّ واحد من مركباتها وأجزائها تشهد بخمس وخمسين لسانا بأنه واجب الوجود الواحد الأحد..

سيجيء تفصيل تلك الألسنة.

أما إجمالها فهي: تنادي بألسنة إفرادها وتركيباتها المنتظمة.. وفقرها وحاجاتها المَقْضِيَّة.. وأحوالها المنتظمة.. وصورها المكمَّلة العجيبة اللائقة.. ونقوشها المزينة الغريبة


 /  
477
Yükleniyor...